دموع الجواميس

الصفحة الاخيرة 2025/02/24
...

عبد الهادي مهودر 

كنا نسمع أن أصحاب (الحلال) إذا ماتت لهم بقرة أو جاموسة حزنوا  وبكوا عليها كمن يفقد عزيزاً ، وبعد المرض الذي أصاب الجاموس العراقي ونفوق أعداد كبيرة بسبب الحمَّى القلاعية ظهر مربّو الجاموس في حالة حزن شديدة للخسارات الفادحة التي لحقت بهم ولم يتردد أحدهم بالتمدد على الأرض ليضع رأسه على رأس جاموسة تدمع عيناها من شدة الألم و في تعبير عن اعتزازه بمصدر رزقه ومشروعه الاقتصادي ، والغريب هو ألا تحزن على نفوقها وفقدان ملايين الدنانير في لحظة واحدة خاصةً إذا كان ثمن الجاموسة الواحدة يعادل ثمانية ملايين دينار أو أكثر ، فكيف الحال بمن يملك 50 جاموسة منتجة ويرى الموت أسرع من الحلول؟ ومع أنهم يستحقون التضامن والدعم والتعويض إلا أن البعض يستخفون بالحديث عن فاجعة الجاموس وحقوق الحيوان ويكون قد هيأ لك سؤالاً يظنه وجيهاً عن حقوق الإنسان بدل التفكير بحقوق الحيوان ، ولي في هذا الصدد صديق قدّم بحثاً عن الجاموس ودوره بالحضارة العراقية ، ونال ما نال حول بحثه العلمي في مجتمع لا يرحم وينظر إلى المتخصص بالثروة الحيوانية والطبيب البيطري نظرة دونية.

حاوِل أن تجرب الكتابة في صفحتك الشخصية بشكل مختلف عن المنشورات السائدة أو غيّر صورتك الشخصية و ضع بدلاً عنها صورة جاموسة تعاطفاً مع أهل الحلال أو اقترح اتخاذ الثور رمزاً وستتلقى حينها من السخرية والاستخفاف و التسقيط  ما يجعلك تفكر جدياً بإغلاقها والهروب بجلدك ، وأسوأ ما في الفيسبوك هو خشية التعبير عما يجول في خاطرك حتى تهبَّ الريح فيذهب الجميع مع الريح ، ولا نبالغ إذا قلنا أن معظم الكتابات لا تعبر عن آراء أصحابها الذين يجاملون أو يخفون قناعاتهم بعيداً عن صفحاتهم الشخصية وعدم إظهار مواقفهم و هوياتهم الحقيقية ، وقِلَّة قليلة تملك شجاعة الخروج عن المألوف بلا أقنعة وتعبّر عن نفسها بصدق ووضوح تامٍّ كما ترى وتعتقد في أعلى مراحل الصراحة والجنون والتهلِكة كما يصفها البعض ، وقد نصل بهذا الحال إلى الهلاك خشية قول الحقيقة المرة، فحين يقود الأعمى رجلٌ أعمى مثله يقعان معاً في الحفرة كما يقول المثل الإنگليزي.