بشير خزعل
لسنوات طويلة، شكلت الديون الخارجية عبئاً كبيراً على خزينة الدولة العراقية، لتسديد ديون دول وبنوك ومنظمات عالمية، بسبب الحروب العبثية التي توالت على البلاد منذ ثمانينيات القرن الماضي، وما بعد العام 2003 خلال مطاردة عصابات داعش التي كانت تستولي على المدن وتخرب بناها التحتية، وظلت إيرادات الدولة مرهونة في جزء كبير منها لتسديد تلك الديون.
غير أن الدوران باتجاه سياسة اقتصادية فعالة وناجحة في الفترة الأخيرة، أدى إلى نفاذ العراق من الجزء الأكبر منها، وأصبح خارج خطر إملاءات البنوك والدائنين في الخارج.
خطوة بالاتجاه الصحيح تحسب للحكومة الحالية في برنامجها الخاص بتنمية الاقتصاد العراقي، فلأول مرة تتخلص الدولة العراقية من عبء الديون الخارجية التي كبَّلتها اقتصادياً بعد الحرب منذ العام 1980 إلى وقتنا الحاضر.حاليا، ما تبقى من ديون إلى الجهات الدولية لا يشكل سوى أقل من 9 مليارات دولار تُسدَّد من الآن وحتى العام 2028، ونسبة هذه الديون بالقياس للناتج المحلي الإجمالي لا تشكل عبئاً على الدولة، فهي تشكل ما قدره 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، والمعيار العالمي يسمح بنسبة 60 بالمئة من الناتج المحلي أن تكون ديوناً خارجية، بهذه المرحلة أصبح العراق بلدا محصَّنا بشكل جيد في موضوعة الديون الخارجية.
بمعنى أدق أنه أصبح خارج مخاطر الديون الخارجية، الأمر الذي يعطي البلد ائتماناً عالياً في مجال التصنيف الائتماني العالمي، بوجود تنسيق متكامل بين البنك المركزي العراقي ووزارة المالية في دفع مستحقات الديون، سواء أكانت خدمات الديون "الفوائد والأقساط" أم دفع الديون مرة واحدة"، وكذلك يحسب لأداء هذه المؤسسات الاقتصادية التي استطاعت أن تخطو خطوات جيدة برغم وجود حالات فساد من هنا وهناك، ما زالت الحكومة تعمل على محاربتها بكافة الوسائل.ممارسة سياسات ناجحة من قبل المالية العامة في موضوع الديون، من خلال التعزيز المالي لإطفاء الديون الخارجية، والاقتراض بنسبة أقل، أدت إلى نتائج إيجابية انعكس واقعها على الاقتصاد العراقي برمته، وبحلول العام 2028 لن تبقى ديون خارجية مستحقة.
خطوات بالاتجاه الصحيح في سياسة الحكومة الاقتصادية التي تدعم سياستها الخارجية، وأصبح العراق يمتلك فرصة التحول إلى أهم بلد اقتصادي عالمي، لاسيما أن الاستثمارات الأجنبية تضع نصب عينها أن العراق بلد متنوع الموارد والمواد الأولية الضرورية لصناعات ستراتيجية كبيرة يدخل قسم كبير منها في مجال إنتاج الطاقة.
وبرغم الأزمة والأوضاع العصيبة التي تمر بها المنطقة والمحيط الإقليمي على وجه الخصوص، نرى أن العراق نجح أيضا بأن ينأى بنفسه كدولة بعيدا عن الصراعات والحروب التي يمكن أن تستنزف ثرواته ومقدراته وموارده البشرية والطبيعية، فالسياسة الناجحة هي أن يكون القرار صحيحا وفاعلا في الأزمات ويعود بمردود له فوائد متعددة الجوانب في الحاضر والمستقبل.