بغداد : عماد الامارة
تسعى وزارة الزراعة إلى إيجاد السبل الكفيلة بتفعيل دور القطاع الخاص، وتحديداً من أصحاب بساتين النخيل والمصنعين والمصدرين للتمور، عن طريق تشجيع الاستثمار والتنمية في هذا القطاع الحيوي، من خلال زيادة أعداد النخيل وتنمية وتطوير الإنتاج ورفع إنتاجية النخلة وجودة التمور، باستخدام التقانات الحديثة، وصولا إلى الارتقاء بتجارة وتصنيع وتسويق التمور.
وقال الخبير الزراعي الدكتور مهدي القيسي، في حديث لـ"الصباح": إن وزارة الزراعة ركزت اهتمامها وجهدها بصورة خاصة على قطاع النخيل والتمور، من خلال تأسيس الهيئة العامة للنخيل عام 2005، التي عمقت جهودها من خلال دورها البحثي والخدمي والإرشادي، لمواكبة التطورات العلمية والتقنية، مبيناً أن الوزارة أسست العديد من المشاريع التي تهدف إلى الارتقاء بواقع النخيل الذي شهد تراجعا في الحقبة الماضية، وتبع ذلك العمل بالمبادرة الزراعية لدعم التمور وتحديدا صنف الزهدي الذي يشكل 60 / 70 % من مجمل الإنتاج الوطني للتمور، وهو مرغوب تجاريا.
وأضاف القيسي، أن الزراعة اعتمدت آلية لدعم أسعار التمور من صنف الزهدي، بأسعار تنافسية ومباشرة من أصحاب البساتين بهدف ألغاء الوسطاء وتحقيق الاستفادة المباشرة للمنتجين، مشدداً على ضرورة إدخال عمليات الخدمة للنخيل، وهي التكريب والتلقيح والتركيس والتكميم، وذلك للارتقاء بالإنتاج الكمي للتمور بنوعيات جيدة، من خلال مكننة التمور في الموقع وتجفيفها عبر تشكيل شركة أو شركات للخدمة، بغية الارتقاء بالمواصفات النوعية للتمور.
وأكد أهمية التعبئة الفورية للتمور بعبوات مؤقتة للمحافظة عليها من التلوث والحد من تدهورها النوعي، وكذلك النقل السريع إلى المخازن، لمنع حصول تأثيرات أنزيمية وتغيرات كيميائية في التمور.
وعن المسارات المهمة في تطوير إنتاج التمور، لفت القيسي إلى اضطلاع وزارة التجارة بدعم تأسيس جمعيات وشركات متخصصة بالنخيل والتمور، وتبسيط إجراءات تسجيلها، لغرض المساهمة الفاعلة في إدخال المكننة في خدمة النخيل، على أن تتولى الجمعيات والشركات التخصصية مهمة إقامة مراكز لتسويق التمور بصورة مباشرة من المنتجين أصحاب البساتين في المحافظات المنتجة للتمور. كما دعا إلى مفاتحة أمانة بغداد والبلديات في المحافظات لتخصيص أراض لإقامة معارض لتسويق التمور المصنعة، فضلاً عن تكليف الشركة العراقية لتصنيع وتسويق التمور وبإشراف وزارة التجارة / الشركة العامة للمعارض والخدمات التجارية، بإنشاء بورصة للتمور العراقية، لأهميتها في استقلالية تسويق التمور العراقية في البورصة العالمية للتمور.
وحثّ القيسي على أن تكلف وزارة الزراعة / دائرة وقاية المزروعات، والشركة العراقية لتصنيع وتسويق التمور، بإعادة النظر بمقدار الرسوم والأجور من جراء عملية تبخير وتطهير التمور، المستوفاة من مصدري التمور بموجب تعليمات وقانون الحجر الزراعي رقم 76 لسنة 2012، مع ضمان تنفيذ الإجراءات المطلوبة، بالإضافة إلى إعادة العمل بمشروع تأهيل بساتين النخيل القديمة غير النظامية، الذي هو أحد مشاريع الخطة الاستثمارية لوزارة الزراعة / دائرة البستنة، والمتضمن دعم أصحابها بالفسائل المجانية.
وعن أبرز المعوقات التي تواجه تسويق التمور، أشر القيسي عدم وجود جهة رسمية تتحكم بحركة تصدير التمور لحفظ التوازن بين العرض والطلب في الأسواق الخارجية، والحيلولة دون تدهور الأسعار، ووضع حد للتضارب وخفض أسعار بيع التمور في الأسواق العالمية، منتقداً عدم وجود مراكز مراقبة رسمية في أسواق بيع التمور لغرض الرصد وإيصال المعلومات إلى الجهات التنفيذية المعنية بالنشاط التسويقي، وخاصة في الأسواق العالمية، للحد من الخروق ودعم مكانة التمور الاقتصادية عالمياً.
من جانبه، قال المختص بالشأن الاقتصادي، الدكتور عدنان بهية، لـ"الصباح": إن النخلة رمز عراقي أصيل منذ القدم، وقد عرف العراق بالنخيل وعرفت النخيل بالعراق، ولا يمكن تصور دجلة والفرات من دون نخيل، وهو ثروة وطنية وهبة من الله للعراق، ينبغي صيانتها وإدامتها وزيادتها وجعل عدد نخيل البلد بعدد سكانه، داعياً وزارة الزراعة إلى تبني ستراتيجية مبتكرة وجديدة للتعامل مع النخيل، لكونه ثروة وطنية لا تقدر بثمن، من خلال زيادة عدد النخيل إلى 45 مليون نخلة، مع الاهتمام بالأنواع ذات القيمة الغذائية العالية والأصناف المطلوبة من دول الجوار والمعدة للتصدير، وكذلك الاهتمام بعملية التعليب والتسويق والتغليف، بما يتناسب مع هذه الثمرة وقيمتها الغذائية، على أن تضاهي هذه العملية المواد الغذائية الأخرى التي تعلب بطرق مبتكرة وجميلة.
ولفت بهية إلى معلومة مهمة، هي أن النخيل إذا ما استثمر في الزراعة بشكل مكثف، وجعلت أعداده 45 مليون نخلة، فهذا يساعد في جعل هذا العدد من النخيل رئة لتنفس العراقيين، مبيناً أن النخيل بهذا العدد يعطي كميات كبيرة جدا من الأوكسجين ويأخذ كميات كبيرة من الكربون في عملية التركيب الضوئي .