د. علاء هادي الحطاب
لم يكن مجرد تشييع لقائد ومجاهد وبطل قدم كل ايام حياته في سبيل قضيته التي كانت تمثل قضية الامة العربية والاسلامية، وهنا الحديث حتما عن تشييع الشهيد حسن نصر الله امين عام حزب الله الذي قضى حياته منذ شبابه مدافعا عن فلسطين وقدسها وغزتها، فلم يتمتع هذا الرجل يوما بلذات الحياة، لانه يدرك تماما انه كان هدفا مهما للكيان الصهيوني ومن يقف خلفه.
اول امس لم يكن مجرد طقس حزين لمجموعة من المحبين يودعون شخصا تعلقوا به وإن لم يروه او يكونوا بقربه ولديهم ذكريات عنه، بل كان يوما جديدا في تأريخ الفكرة - فكرة المقاومة - التي زرعها السيدان نصر الله والهاشمي ومن قبلهما الموسوي في نفوس ليس فقط اللبنانيين بل وكثير من المسلمين والعرب، كانت وجوه المشيعين باكية، لكن نار قلوبهم متقدة، وها هو السيد يعطيهم درسا اخر في استشهاده ومن معه من قادة وسادة، درسا يعلمهم ان افكار الطف والتضحية تتجلى امامهم اليوم كمصاديق واضحة لمفهوم التضحية في سبيل القضية.
لفت انتباهي في هذا المشهد العظيم، ابو علي الرجل الذي رافق الشهيد نصر الله منذ شبابه وكان حارسه الامين وظله الظليل طيلة سنوات عاشها الشهيد بالكفاح والجهاد والقتال، وطبيعة هذه الحياة تكون قاسية وصعبة، لانها تدرك ان الموت يلاحقها كل لحظة، بل كل ثانية، فلا اعرف بماذا كان يفكر ابو علي رفيق الشهيد وهو ينقل جثمان حبيبه ومدرسه ورفيقه وصديقه الى مثواه الاخير؟
هل كان فقط حزينا مثلنا، نحن الذين لا نعرف ولا نتذكر عن السيد سوى كلماته وخطبه واطلالته التلفزيونية؟
ام يتذكر تلك اللحظات الخاصة سواء الجميلة منها او الصعبة القاسية التي عاشها مع السيد؟
هل سيتحمل قلبه الفراق؟ نعم بدا صلبا في مشهد التشييع غير منكسر، لكن هذا ظاهر الرجل، فعيونه كانت تتحدث بغير ذلك.
ابو علي فرد تعلق بملهم، ربما سيحمل حزنه معه الى بيته او اينما يرتحل، لكن العلاقة مع السيد والسير على نهجه فكرة والفكرة لا تموت بغياب صاحبها، لذا لم يكن التشييع تشييعا، بل كان تجديدا للعهد مع الفكرة وصاحبها وقائدها والعاملين عليها.
ساعد الله قلبك يا ابا علي كيف استطعت توديعه الى مثواه الاخير.