قمة بغداد .. تحدٍ من نوع اخر

آراء 2025/02/26
...

 علي الخفاجي


في ظل التغيرات الكثيرة التي طرأت على العالم بصورة عامة والمنطقة العربية بشكلٍ خاص، أمسى المشهد الحالي في كثير من جنباته مشهداً ضبابياً، يشوبه الغموض، حيث سرعة التقلبات الجيوسياسية والأمور التي رافقتها جعلتنا في دهشة، وإن كانت بداياتها واضحة لكن نهاياتها لم تكن متوقعة أو سريعة بمعنى ادق، فأحداث سوريا بمقدمة تلك التوقعات على الرغم من ان قوات المعارضة بدأت تعد العدة، وتهيئ الامور لتغيير نظام الحكم هناك منذ اثني عشر عاماً، لكن النهايات كانت غير متوقعة من خلال هروب سلطة النظام السابق واعلان المعارضة السيطرة على دمشق وتنصيب احمد الشرع رئيساً لها، مروراً بالقرار المشؤوم للرئيس الاميركــي دونالد ترامب والخاص بنقل سكان قطاع غزة إلى كل من مصر والأردن، وما رافق ذلك التصريح من تشنج العلاقات بين الولايات المتحدة الاميركية والسعودية بعد ان كانت حسب تصريح ترامب الحليف الاستراتيجي بالمنطقة، وعلى هذه الشاكلة تسير الامور .

اليوم أصبحت الدول تتبارى لتتصدر المشهد الدولي من خلال قوة علاقاتها الخارجية ومدى فاعليتها لتهدئة الامور الشائكة أو التي تحتاج إلى موقف حاسم، وبالتالي تكون مثل هذه الدول محط اعتبار للمجتمع الدولي، ما يميز النظام العراقي الحالي هو ان القرارات الرسمية التي تصدر عن العراق هي قرارات تشاورية مبنية على التفاهمات السياسية غايتها خدمة البلد ومصالحه في ظل أجواء ديمقراطية، حيث عمل العراق ومنذ عقدين على استخدام مبدأ حسن النية في العلاقات الدولية والاقليمية وهو دائما ما يسعى إلى بث رسائل مفادها بأن البلد اليوم يختلف عن ذي قبل، الامر الذي جعل من البلد ونتيجة السياسة الخارجية المبنية على التفاهم والمصالح المشتركة أصبح يمثل بيضة القبان في المعادلة الدولية ومشروعا للتصالح والتفاهم بين الدول

 المتخاصمة .

وسط ترحيب الدول الاعضاء خلال قمة الرياض الاخيرة، وبناء على طلب رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني قررت الجامعة العربية انعقاد القمة العربية في بغداد، وبالتحديد في أيار المقبل من هذا العام، ويأتي وقت انعقاد القمة في ظروف حساسة ومهمة من حيث التطورات التي شهدتها المنطقة. قمة بغداد تمثل تحدياً مهماً لما نمر به اليوم، فهي بالإضافة إلى كونها ستناقش وتستعرض لما جرى خلال الفترة الماضية في البلاد العربية وانعكاسات الازمات الدولية عليها، ايضا ستكون مناسبة مهمة للملمة شمل العرب وانهاء الخلافات فهي تعتبر فرصة كبيرة لحلحلة واستيعاب جميع التقاطعات العربية، خصوصاً اذا ما علمنا ان سوريا ستشارك لأول مرة برئيسها الجديد بعد تغيير النظام، اذا ما تمت دعوته، وهنا واستكمالا للدور الكبير الذي انتهجته الحكومة على مدار السنوات، التي مضت وجعلها من العراق لاعباً رئيساً في المعادلة الإقليمية، عليها أن تدعو الرئيس الجديد لسوريا لهذه القمة واستيعاب كل ما من شأنه تصفير الخلافات وجعل هذه المناسبة مناسبة استثنائية بامتياز وجعل بغداد منطلقاً للتفاهمات وعاصمة للقرار العربي.