غزة عصيّة على خطط ترامب

آراء 2025/02/26
...

 نوزاد حسن

ما قاله ترامب عن نقل سكان غزة إلى دول أخرى مثل مصر والاردن هو في الحقيقة شيء مثير جدا. وما زالت تداعيات ما تحدث به ترامب مستمرة. ولا اعرف في الحقيقة دقة التصريح الذي تناقلته بعض الفضائيات عن ترامب انه لن يقوم بفرض وجهة نظره، وإنما القضية كلها توصية عرضها لحل مشكلة غزة.


 مهما يكن من أمر فهناك نقطة مهمة لا بد من الالتفات اليها وهي ان وعي اي انسان هو وعي شخصي خاص به وقد صنعته ظروف وثقافة وبيئة معينة، وربما جينات تنتقل من جيل لآخر. ترى هل هذا ما جعل سارتر يصرخ بان الجحيم هو الآخرون. ولو كان سارتر حيا ترى كيف كان سينظر إلى دعوة ترامب ووجهة نظره في تحويل غزة إلى ريفييرا الشرق الأوسط،  سأكرر ما قلته قبل قليل إن وعي أي إنسان هو شخصي جدا، وهنا سنواجه مشكلة كبيرة هي: اذا كان ترامب عرض علينا ما هو موجود في وعيه الشخصي فلن يرى اي خطأ في كل ما سيفعله. وبكل تأكيد لن أتكهن أو أحاول أن أتخيل خطوات ترامب القادمة عن غزة، لكني أريد فقط الإشارة إلى تعقيد حياتنا بسبب قرارات شخصية يظنها البعض انها حكمة هبطت عليهم من السماء.

 ريفييرا الشرق كما يقول ترامب هي غزة القادمة التي يريد هذا الثري الرئيس صنعها. فهناك على شاطئ البحر المتوسط حيث يعيش اهل غزة نكبة حرب طاحنة خربت كل شيء في مدينتهم الصغيرة يحاول ترامب أن يقنع الجميع بان وعيه الشخصي ذو طابع إنساني خالص يسعى إلى تغيير حياة منكوبي الحرب.

 لن يلتقط وعي ترامب شيئا يقع على الأرض في غزة. قال إن هناك مجرد كائنات بلا مساكن وبنى تحتية. هذا يعني لترامب أن المستقبل سيكون حاضرا في أذهان أهل غزة. ولا مستقبل افضل من مكان آخر بديل ومنظم وهادئ. لاحظوا خطأ وعي ترامب الشخصي. لقد استنتج شيئا واحدا على طريقته الأمريكية: إذا كنت محتاجا لبديل افضل فعليك ترك مكانك على الفور. هذه هي حجة لن تقنع شخصا تكون وعيه ايضا بعيد عن مناخ تفكير ترامب. لذا وأنا اقلب كعادتي في ديوان محمود درويش عثرت وبمصادفة جميلة على قصيدة تبدو أنها مكتوبة الآن للرد على ترامب يقول درويش: بلاد حين نمشي في خريطتها تضيق بنا/ وتأخذنا إلى نفق رمادي/ فنصرخ في متاهتها/ وما زلنا نحبك/ حبنا مرض وراثي".

 إذن ما لم يلتقطه ترامب هو هذا المرض الوراثي الذي يحمله أهالي غزة لمكانهم المدمر..