زيد الحلي
الأخبار الجيدة تزيدني نشوةً وهناءً، وأفضل حالات السعادة هي تلك التي تنسجم مع العقل والقلب والجوارح.
في الأسبوع المنصرم، كان الخبر الذي غمرني بالسعادة والفرح هو قرار إعادة الحياة إلى مبنى المتحف الوطني للفن الحديث، وانتقال وزارة الثقافة إلى مبنى مجاور. يُعدُّ مبنى المتحف الوطني ، الذي تأسس عام 1986، من أكبر الصروح الثقافية في العراق، وربما في المنطقة عموماً. وقد صُمم وفق طراز المتاحف الفنية العالمية، وكانت أروقته وقاعاته العديدة تحتضن مهرجانات فنية عالمية ومعارض تشكيلية محلية ودولية، إلى جانب كونه متحفاً يضم لوحات نادرة لكبار الفنانين العراقيين، تعود إلى عشرينيات القرن الماضي.
كان لمستشارية السيد رئيس الوزراء للشؤون الثقافية، ممثلة برئيس لجنة الأمر الديواني المختصة بالفن التشكيلي، الشاعر د. عارف الساعدي، دورٌ مهمٌ في هذا القرار، إلى جانب السيد وزير الثقافة وكوادر الوزارة. فمرحى لتشكيليي العراق بعودة هذا المعلم الحضاري الذي يليق بالفن العراقي المعاصر وعمقه الإبداعي.
ومعروف أن هذا المتحف الفخم من تصميم الشركة الأجنبية التي كُلفت بإنشاء شارع حيفا في جانب الكرخ من بغداد، وقد بُني بمواصفات تضاهي كبرى المتاحف في إيطاليا. كان يضم نحو ثمانية آلاف لوحة إبداعية، وجدرانه تمثل ذاكرة العراق الفنية، حيث احتضن أعمالاً لعمالقة الفن العراقي من رسامين وتشكيليين ونحاتين، مثل عبد القادر الرسام، وفرج عبو، وجواد سليم، وحافظ الدروبي، ومحمد غني حكمت، ونداء كاظم، وفائق حسن، ونوري الراوي، ومحمد سليم (والد رشاد وسعاد وجواد ونزيهة ونزار)، وعطا صبري، وعيسى حنا، وصديق أحمد، وغيرهم العشرات... إنهم منجم ذهب التشكيل العراقي.
لكن بعد عام 2003، تعرض المتحف لأبشع عملية سرقة وإتلاف، طالت قرابة ستة آلاف لوحة، إذ قام السارقون بتمزيق اللوحات بآلات حادة ونزعها من إطاراتها لتسهيل حملها. وما تبقى حالياً لا يزيد على ألفي لوحة، فيما لا يزال البحث جارياً عن المفقود منها.
أهلاً بعودة متحف الفن الحديث... كلنا شوقٌ لمشاهدة ما تبقى من دُررِك.