استئناف تصدير نفط الإقليم يخفف العبء المالي على بغداد

اقتصادية 2025/02/26
...

 بغداد : مقتدى أنور


في خطوة نحو تعزيز التعاون بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، رحّبت الأوساط السياسية بقرار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني باستئناف تصدير النفط من إقليم كردستان عبر المنافذ الرسمية. هذا القرار يأتي بعد نحو عامين من التوقف الذي أثر سلبًا في الاقتصاد العراقي بشكل عام وإيرادات الإقليم بشكل خاص، مما أدى إلى تفاقم الخلافات بين بغداد وأربيل.

من جهة أخرى، يُنظر إلى هذا القرار على أنه بداية لمرحلة جديدة من التعاون المشترك، إذ تسعى بغداد وأربيل إلى وضع آليات واضحة وشفافة لإدارة وتصدير النفط، بما يضمن حقوق جميع الأطراف ويراعي الدستور العراقي.

في هذا السياق، يُعتبر قرار استئناف تصدير النفط من إقليم كردستان خطوة أولى نحو حل الخلافات العالقة، لكنه، بحسب مراقبين، يحتاج إلى ترتيبات عملية وقانونية دقيقة لتحقيق النتائج المرجوة، بما يعود بالفائدة على العراق ككل.

وكان تصدير النفط من إقليم كردستان العراق قد توقف في آذار 2023، وذلك بعد قرار تحكيمي صادر عن غرفة التجارة الدولية (ICC) في باريس. هذا القرار جاء نتيجة نزاع قانوني بين الحكومة العراقية وتركيا حول تصدير النفط من إقليم كردستان من دون موافقة بغداد.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، شدد رئيس مجلس الوزراء، على ضرورة الإسراع باستئناف الشركات النفطية في إقليم كردستان العراق إنتاج النفط، وإعادة تصديره عبر ميناء جيهان

 التركي.

ويقول المحلل السياسي الدكتور غالب الدعمي: إن ملف تصدير النفط بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان كان من أكبر العقبات في العلاقة بين الطرفين، لكنه أصبح الآن أقرب إلى الحل بفضل الجهود الدبلوماسية.

وأكد الدعمي لـ"الصباح"، أن تشغيل خط الأنابيب المار عبر الإقليم، الذي ينقل نحو 250 ألف برميل يوميًا، يمكن أن يخفف العبء المالي على بغداد، مشيرًا إلى أن الحكومة الاتحادية تدفع حاليًا بين 920 إلى 950 مليار دينار عراقي شهريًا للإقليم، وأن تشغيل هذا الخط قد يقلل هذه المدفوعات بشكل كبير، ما يسهم في تحسين الموازنة العامة.

من جانبه، أشار السياسي عائد الهلالي إلى أن الاتفاق النفطي بين بغداد وأربيل يخضع لاعتبارات سياسية واقتصادية معقدة، تتعلق بـ"عدالة توزيع الموارد" وضمان التزام الإقليم بتسليم الكميات المتفق عليها. وشدد الهلالي على ضرورة وضع آليات رقابية صارمة تشمل التزام حكومة الإقليم بضخ النفط عبر شركة "سومو"، مع ضمانات قانونية تحول دون اتخاذ قرارات أحادية الجانب تؤثر في التدفقات النفطية.

ولفت الهلالي إلى النقاشات الجارية حول تعديلات قانونية مستقبلية تهدف إلى ضبط إدارة العقود النفطية، وضمان توزيع الإيرادات وفق الدستور العراقي. وأوضح أن استئناف التصدير سيعزز الإيرادات العامة بشرط توفر الشفافية في إدارة العائدات لمنع التلاعب أو الفساد.

في غضون ذلك، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور دريد شاكر العنزي، إلى التحديات الإقليمية والدولية المرتبطة بملف النفط العراقي، متسائلًا عن مصير الغرامات المفروضة على تركيا من قبل المحاكم الدولية بسبب نقل النفط عبر أراضيها من دون موافقة بغداد. وطرح العنزي تساؤلات حول الطرف الذي سيتحمل هذه التكاليف في حال التوصل إلى تسوية مع تركيا أو الإقليم.