نرمين المفتي
اختار الرئيس الأمريكي المليادرير ايلون ماسك، والذي تبرع بمئات ملايين الدولارات لحملته الانتخابية، رئيسا لمنصب جديد في الادارة الأمريكية وهو (ادارة كفاءة الحكومة) والسبب أن ماسك ومن خلال شركاته معروف بفلسفته الإدارية، التي تركز على الإنتاجية العالية والمرونة، مثلا بعد شرائه منصة (تويتر والان X). واستنادا إلى تقرير من ماسك بصفته الوظيفية، ألغت ادارة ترامب 2000 وظيفة في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لينشر يوم السبت الماضي تغريدة من خلال منصته (X) مفادها بأن على جميع الموظفين الفيدراليين تقديم تقارير أسبوعية عن الأعمال، التي أنجزوها وإن عدم تقديمها سيُعتبر بمثابة استقالة. هذا القرار أحدث حالة من الارتباك والقلق بين الموظفين، حيث أصدرت بعض الوكالات الفيدرالية مثل وزارة الدفاع ومكتب التحقيقات الفيدرالية توجيهات لموظفيها بعدم الامتثال للطلب، مشيرة إلى احتمال عدم قانونيته. في حين أبدى بعض المسؤولين استياءهم، واصفين القرار بأنه “غير منطقي” ولا يتماشى مع بروتوكولات العمل المتبعة.
في الولايات المتحدة، يعمل حوالي (2.1 مليون موظف اتحادي) في مختلف الوكالات الحكومية، هذا العدد يشمل موظفي الدفاع، الصحة، التعليم، والخدمات المدنية الأخرى، علما أن نفوس امريكا 344 مليون نسمة. في المقابل يبلغ نفوس العراق حوالي 45 مليون نسمة و يقدر عدد الموظفين الحكوميين في مختلف المؤسسات الحكومية بأكثر من (4 ملايين موظف) وفقًا لتقارير حديثة. هذا الرقم يشمل الموظفين في الوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة، اي انهم يشكلون حوالي %37 من إجمالي القوى العاملة في العراق، مما يضعه في مرتبة عالية عالميًا من حيث نسبة الموظفين الحكوميين إلى عدد السكان. يتم قياس إنتاجية الموظف الفيدرالي في الولايات المتحدة من خلال عدة معايير، مثل عدد المهام المنجزة، سرعة تنفيذ المشاريع، والابتكار في العمل ورضا المواطن. ووفقًا لبعض الدراسات، يتمتع الموظفون الفيدراليون الأمريكيون بمستوى عالٍ من الكفاءة، نظرًا لاعتماد الحكومة على أنظمة رقابة صارمة، إضافةً إلى التحفيز المالي والتقييمات الدورية للأداء. كما أن التكنولوجيا المتقدمة تساعد في تحسين كفاءة العمل وتوفير الوقت. في المقابل، فإن تقارير البنك الدولي فإنه يواجه واحدة من ادنى معدلات الإنتاجية في القطاع الحكومي في المنطقة واستنادا إلى تقرير نشرته جريدة الصباح سابقا، فان معدل عمل الموظف العراقي هو 7 دقائق يوميا! مما ينعكس سلبًا على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، مثل التعليم والصحة وغيرها. وقطعا لا يمكن مقارنة بيئة العمل في العراق مع مثيلتها في امريكا ولكن لابد من العمل على تطويرها للقضاء على البطالة المقنعة، والتي تلتهم جزءا كبيرا من الموازنات السنوية. إن أسباب إنتاجية الموظف الحكومي العراقي هي في غياب أنظمة رقابة فعالة، وانتشار البيروقراطية، وتكدس الموظفين في وظائف لا تتطلب وجود هذا العدد الكبير وطبعا (تعيينات الأصوات) اثناء الحملات الانتخابية والفساد. ان قرار ماسك بفرض تقديم تقارير أسبوعية عن الإنجازات يهدف إلى زيادة الشفافية والمساءلة وتحفيز الموظفين الفيدراليين على تحسين إنتاجيتهم. هذا النوع من القرارات يصعب تطبيقه في بيئات وظيفية مثل العراق، حيث تعاني المؤسسات الحكومية من ضعف في آليات التقييم والمحاسبة ولكن تنفيذ آلية ماسك في العراق، فقد يؤدي ذلك إلى تحسن في أداء بعض الموظفين، لكنه قد يواجه مقاومة كبيرة بسبب الثقافة الوظيفية السائدة التي تعتمد على الأمان الوظيفي دون ربطه بالإنتاجية الحقيقية. لذلك، فإن أي إصلاحات في العراق يجب أن تترافق مع تطوير شامل للأنظمة الإدارية وبيئة العمل وتعزيز ثقافة الأداء والإنجاز والالتفات بجدية إلى القطاعين الخاص والمساهم. من جهة أخرى يقدر عدد العاملين المحليين ( غير التابعين للمؤسسات والوكالات الاتحادية) في امريكا بحوالي 159.5 مليون شخص والرقم يشمل العاملين في القطاع الخاص، بالإضافة إلى موظفي الحكومات المحلية وحكومات الولايات ويستلمون رواتبهم من أرباب العمل، سواء كانوا شركات أو مؤسسات خاصة ويستلم موظفو الحكومات المحلية وحكومات الولايات، رواتبهم من الميزانيات المخصصة لهذه الحكومات، والتي تُموَّل عادةً من الضرائب والرسوم المحلية.