فيوضات الشهر الفضيل

اسرة ومجتمع 2025/03/02
...

سعاد البياتي

حينما يدرك العالم الإسلامي شهر رمضان ويتحسس قيمه الكبيرة والوارفة، ويحيا المسلمون أجواءه وتفاصيله المباركة والحميمية، بالتأكيد سينتابهم شعورٌ بأنه شهرٌ غير عادٍ أو تقليدي، فكل ما فيه مختلف ومتفاعل مع الأيام والليالي التي تكون مميزة وحافلة بالروحانية والحنو نحو أفراد الأسرة أو مع الآخرين. ها هو الشهر الفضيل يطل علينا محملًا بلطائفه وخيراته وبركاته، فيه نعيش كل يوم ونحن نحمل قلوبًا مليئةً بالتسامح والمحبة، وفيه تزداد العبادات والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى. في طياته الكثير من التكافل والمودة والطاعات التي نشعر بحلاوتها، ونلتقي بذاتنا التي نتمنى أن تكون أنقى وأبهى من أي وقت مضى، فكل عاداته وتفاصيله تضعنا في أوقات يغلب عليها الهدوء والسكينة وجمال الليالي.

فالبيوت العراقية تستعد كل عام ليكون شهر المحبة والصيام متكاملًا بكل أحواله، ليضع أفراد الأسرة في صورة مختلفة تميزه عن باقي الشهور، بلطائفه وبركاته وعباداته المكثفة. وحتى نشعر بلذة هذه العبادة ونُقبل عليها برغبة ومحبة صادقة، ينبغي أن نتعرف على أسرارها، وأهم الأسرار العلمية هو الاستعداد النفسي الذي يتمثل بالشوق والإصرار على ممارسة متطلباته بشكل كامل، من الصيام والقيام وأداء الواجبات وحسن التأمل والصدق وكل الصفات الجميلة التي يتحلى بها الصائم. لذا، ومن باب الاستعداد، علينا أن نستقبله بطاقة إيجابية واستعداد نفسي، ودعاء بأن نقضيه ونحن في أحسن وأفضل حالاتنا، فحلاوة الصيام لن تتكرر في الشهور الأخرى، ولن نستعيد طاقاتنا إلا بعزمنا على أداء مناسكه بالشكل الذي يليق بما فضّله الله عز وجل فيه من الكرامة والثواب والجزاء الجميل.

فاستثمار أيامه ولياليه بإيجابية وسعادة واستعداد يضمن لنا تخطي صعوباته أحيانًا، ولذلك لا بد من التهيئة النفسية من خلال معرفتنا لفريضته، ومن تلك التي تزيدنا إصرارًا على  التزامنا بصيامه، الفيوضات الرحمانية والاندفاع نحو العبادات بقلب سليم ومتيقن أن الشهر الكريم هو أفضل الشهور، وقد لا ندرك وجودنا فيه في العام القادم، لذا نتسابق في إبداء الطاعات ومساعدة الآخرين من المتعففين والمحتاجين، التي هي أعلى درجات الصدق مع الله.

فليكن شهر رمضان ممتلئًا بالمشاعر الطيبة والسلام والإحساس بجمال أيامه وطقوسه التي ما برحت تسعدنا رغم تكرارها كل عام. فهنيئًا لكل من أدركه وتلذذ بساعاته وفيوضاته الربانية الكريمة التي تغمرنا بالراحة.