حيدر صبي
يبدو أن المملكة المتحدة ومعها الدول الأوربية باتت تستشعر الخطر القادم نتيجة تقارب الولايات المتحدة الأمريكية من روسيا بعد مجيء ترامب المصرّ على إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية وان كان على حساب الأمن الإقليمي الأوربي، وتقديم أوكرانيا لتنازلات تفقدها مساحات من الأراضي لصالح روسيا، هذا غير إركاعها لتوقيع صفقات توريد المعادن الثمينة لأمريكا، وهنا تكون أوكرانيا قد خسرت أراضيها وثرواتها المعدنية معاً، مع خسارتها لأمنها المستدام مع الحدود الروسية، الذي يشكل بالنهاية تهديداً فعلياً لأوروبا، منه نلاحظ أوربا بدت بوتيرة من القلق المتزايد، ما حدى برئيس الوزراء البريطاني أن يوضح لترامب ومعه بوتن موقف المملكة المتحدة الرافض لإعلان الانتصار الروسي بنهاية الحرب ووفق الاستراتيجية المعلنة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
تصريحات رئيس الوزراء البريطاني الأخيرة وحثه دول أوربا على تحمل مسؤولية أكبر وان بريطانيا ستلعب الدور القيادي بهذا الصدد، كذلك ما صرح به وزير دفاعه السيد “ جون هيلي “ حين قال ؛ “ نواجه عصراً جديداً من التهديدات والعالم تغيّر وعلينا أن نضع أمن بريطانيا في المقام الأول “.كل هذا يشي أن هناك تحالفا قادما تقوده بريطانيا بمعزل عن الولايات المتحدة الأمريكية، وربما هكذا تحالف إن حصل سيثير نرجسية ترامب الباهظة التي ستستفزه ليدلي (بداية) بتصريحات يهدد بها الدول الأوروبية (اما بالدفع أكثر أو الخروج من الحلف) وهي تصريحات دأب عليها الرئيس قبل هذا لإيقاع الضغط الأقصى على دول الحلف الـ 32، وهذا إن حصل فسيقع بصالح روسيا، فهي تنتظر اضعاف الحلف ان لم نقل تفكيكه بعيداً عن الولايات المتحدة الأمريكية وحتى تعود روسيا كقوة عظمى تقف على اعتاب أوربا مهددة دولها لتقديم تنازلات لم تكن لتحلم بها من قبل، ووفق هذا السيناريو يبدو أن بريطانيا تنبهت وقرأته القراءة الصحيحة ولتأخذ هي زمام المبادرة.
كما أن لترمب أوراقا من الضغط على أوروبا، فإن أوربا هي الأخرى إن تكتّلت موحدة اِتجاه السياسة الحالية لترمب ورفضت مشروع ايقاف الحرب وفق السيناريو الحالي ثم تشكيلها لقوة حلف مشتركة واستمرار تقديم الدعم لاوكرانيا، فهذا إن تحقق سيضع ترامب امام مأزق كبير ربما يجعله بنهاية المطاف يتراجع تدريجياً ويستنزل علياء لهجته إلى ما دون ذلك، فكما انه ماهر في اطلاق القرارات الصعبة عالية السقف هو ماهر ايضاً في التراجع عنها بِليِّ تصريحاته إلى جهة اخرى وكما فعل بمسألة “ شراء قطاع غزة وتهجير سكانها “ إلى تراجعه عن ذلك في ما بعد، ولمّا وجد جدار الصد الحقيقي، الذي شكّله كلٌ من المملكة العربية السعودية ومصر والاردن، كذلك سيفعل مع روسيا وحال وجد أوروبا مصرّة فعلاً على موقفها وما ستشكله بريطانيا من حائط صد متماسك بقيادتها للحلف هذه المرة.. “هل ستعود بريطانيا بعدها إلى دول الاتحاد
الاوربي”؟.