حمزة مصطفى
أخيرا انتهت أعمال السفير البريطاني في العراق ستيفن هيتش. هذا السفير الذي كثيرا ما أثار الجدل في طريقة عمله وأدائه وأسلوب تعامله داخل العراق مع مختلف الأوساط الرسمية والشعبية. هذا السفير قرر أن يودع العراقيين برسالة مؤثرة. بصرف النظر عن كون السفير، أي سفير، هو ممثل لبلاده في النهاية وبالتالي فإن أي سلوك أو تصرف يحسب له أو عليه ويحسب تاليا على بلاده، لكن عندما نضع سلوكا بل “تصرفات” السفير البريطاني في العراق ستيفن هيتش الذي أمضى سنتين في بلادنا لا نملك سوى الإعجاب بأدائه على كل المستويات. لا أريد أن أتدخل كثيرا في طريقة أو أسلوب سفير أجنبي في الحديث عن بلد مثَّل بلاده فيه وإذا به يتأثر كثيرا بهذا البلد. هذه سابقة في الأعراف الدبلوماسية لا سيما أن السفراء في العادة لا يفصحون كثيرا عن مشاعرهم الخاصة حيال البلد، الذي يمثلون بلادهم فيها أيا كانت محبتهم أو انحيازهم له. يضاف إلى ذلك ان هذا السفير الذي يبدو عاشقا للبلد الذي مثّل بلاده فيه لا يخشى وهو يفصح وزوجته مثلما قال عن مشاعر لا يمكن مصادرتها تحت أي تأثير سياسي أو دبلوماسي. لستُ اريد هنا أن أطرح مقاربة بين مشاعر هذا السفير الخاصة حيال كل ما هو عراقي وبين ما يمكن أن يفصح عنه سفير عراقي في بلد أجنبي، حين تحتدم مشاعره حيال ذلك البلد مثلما تحتدم مشاعر هيتش حيال العراق؟ بعيدا عن أي تأويل سوف نشاهد الكثير من ردود الفعل السلبية، التي ربما تصل إلى حد عد هذا السفير بمثابة “عميل” لتلك الدولة، بينما كل الذي عبر عنه هواجس إنسانية تجعله كسفير هو الأقرب لتمثيل بلاده من أي سفير آخر.
لنقتطف بعضا مما جاء في رسالة السفير البريطاني الوداعية لأنها في الواقع هي ، الرسالة، تشرح نفسها بنفسها. يقول هيتش “سأبوح لكم بسر، زوجتي غاضبة مني، وهذا ليس بالأمر الجديد، لكن هذه المرة له سبب محدد! فقد شاهدت مقاطع فيديو لي وأنا أستمتع بجمال بلدكم، رأتني على قمة المئذنة الملوية، وعلى ضفاف الفرات في الرمادي، ورأتني أتذوق المسكوف والدولمة والباجة والزردة والدهينة وتراب الملوك، شاهدتني في جبال برزان وأهوار ذي قار، وفي كنائس بغداد ودير مار متي، وبين أضرحة الأئمة في سامراء والنجف وكربلاء والكاظمية، كما رأتني احتفل بالمولد النبوي في الأعظمية. والنتيجة؟ إنها غاضبة بشدة وتصر على أن نعود يوماً ما
كسيّاح”.