محمد حسن الساعدي
منذ تولي الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" السلطة في كانون الثاني ليكون رسمياً رئيس الولايات المتحدة الأمريكية للمرة الثانية فإنَّ الأخيرة باتت أمام محنة كبيرة اسمها سوريا، فترامب أعلن في خطابه الانتخابي أنه عازم على إنهاء الصراعات في العالم والتوجه نحو الداخل الأميركي وسيعمل بصورة جدية للحد من تورط أميركا في صراعات العالم، وكذلك منع عودة العصابات الداعشية التي جعلها في مقدمة أولوياته، ولكن دون الدخول في تفاصيل الاستراتيجية التي يمكن أن يتبعها الرئيس الأميركي الجديد.
التقارير الأمنية تشير إلى وجود أكثر من 900 مقاتل أميركي في سوريا، وهؤلاء يعدون قاعدة متقدمة بذريعة محاربة الإرهاب ويقومون بمهمة مراقبة الأنشطة الإيرانية في المنطقة والتجسس عليها، بالإضافة إلى الدعم اللوجستي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والتي تتمركز في شمال سوريا وتسيطر على الحدود الشمالية مع العراق، إذ عقد المسؤولون في البنتاغون والقيادة المركزية (سنتكوم) اجتماعات مهمة لبحث الوضع الأمني في المنطقة، ونقاط الاشتباك المتوقعة فيها، والتي يتوقع أن تكون في الأردن كون القواعد العسكرية هناك واضحة ومكشوفة.
المشروع الذي قدمته الإدارة الأميركية الجديدة والذي ينص على تولي واشنطن ملكية مدينة غزة، والذي صرّح فيه الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" بأنه لن تكون هناك حاجة لوجود قوات أميركية لأنَّ أكثر من مليوني فلسطيني سيغادرون غزة طواعية والاستيلاء عليها لأجل طويل الأمد وتحويله إلى منتجع سياسي كبير، والذي لقي إدانة واسعة من قبل العديد من الأطراف ويعد بمثابة التطهير العرقي، وهو الأمر الذي أشارت له قرارات الأمم المتحدة. إنَّ الدفع بهذا الاتجاه بالتأكيد سيدفع الولايات المتحدة إلى مواجهة تمرد كبير في الشرق الأوسط وسوف تكون هذه المعركة أشبه بمعركة العراق، ولكن على نطاق أوسع، وإنَّ سكان مدينة غزة اليوم هم أكثر من سكان أي مدينة عراقية قاومت القوات الأميركية التي مثلت أسوأ حروب المدن التي خاضتها القوات الأميركية، بأنَّ إعادة التوطين للفلسطينيين الطوعية أمر لا يمكن تحقيقه فلن يغادر سكان غزة طواعية ولن يختفوا بصورة سحرية.
أوهام ترامب بشأن جعل غزة عظيمة مرة أخرى أمر غير واقعي ولا يمكن تطبيقه نظراً لمدى سوء الظروف مقارنة بالعراق في عام 2003، إذ كان العراق دولة في الأمر الواقع قبل غزو الولايات المتحدة واحتفل العراقيون بالإطاحة بصدام الذي كان طاغية غير منتخب ومكروهاً بشكل كبير وبعيداً عن المجتمع، مختبئاً في قصوره العديدة.
كما أنَّ غزة لم تعد مدينة طبيعية وهي الآن خراب، كما أنَّ حماس الجماعة التي تسيطر على غزة تتمتع بقدر من الدعم الشعبي بعد انتخابها في عام 2006 وظلت راسخة في المجتمع منذ ذلك الحين.
إنَّ خطة ترامب للسيطرة على غزة من شأنها أن تجعل الولايات المتحدة العدو العام الأول في الشرق الأوسط مما يؤدي إلى زعزعة استقرار العلاقات الأميركية مع دول مثل مصر والأردن وبشكل لا يمكن إصلاحه، لأنَّ الإرهاب والتمرد لا يشكلان خطراً وجودياً على الولايات المتحدة ولكن لماذا تريد واشنطن دعوة الإرهاب والتصارع معه، بالإضافة إلى أنَّ الشعب الأميركي لابد أن يرفض هذا الجنون بكل قوة ويجب على الولايات المتحدة أن تخرج من أماكن مثل سوريا والعراق وليس أن تزيد من تعرضها للعنف في المنطقة.