ذاكرة رمضان

ثقافة 2025/03/05
...

سامر المشعل 

لشهر رمضان أجواؤه الروحية العابقة بنفحات الايمان والتقرب الى الله والتطهر الروحي والجسدي بالتغلب على الشهوات والعادات اليومية، فيتغير المزاج عند عموم المسلمين، ويكون لرمضان موسمه الخاص من الأعمال الدرامية والبرامج، ويختلف الذوق في السماع بالانجذاب نحو الابتهالات والاناشيد الدينية والموشحات.. وهناك طقوس وعادات رمضانية، على الرغم من التطور التكنولوجي وسرعة التواصل الاجتماعي، إلا أن مجتمعاتنا العربية والاسلامية تصر على الحفاظ عليها كجزء من الموروث الاجتماعي وذاكرة تاريخية تتجدد في كل رمضان مثل المسحراتي " ابو طبيلة"، الذي يوقظ الصائمين للسحور على ايقاع الطبل ولعبة " المحيبس " التي ترافقها المربعات البغدادية والماجينة وغيرها، وخيرات رمضان التي تفيض في صحون تتوزع بين الجيران واجتماع العائلة والأقارب على مائدة الافطار بطقس اجتماعي لا نشعر بلذته، إلا في رمضان.

هذه العادات والطقوس الرمضانية تكاد تكون متشابهة في أغلب الدول العربية باختلافات وتسميات بسيطة بين هذا البلد وذاك، ففي مصر يستقبلون رمضان بفرح من خلال الفوانيس وغناء الأطفال والخيم الرمضانية، التي تقام فيها مآدب الرحمن، اضافة الى تقديم الحفلات والسهرات في ليالي شهر رمضان.

أما بخصوص الاغاني الدينية والابتهالات فأن رمضان يضفي جو خاص من الاستماع، وكل رمضان تتنتج القنوات والاذاعات العراقية والعربية أغاني وابتهالات تتناغم مع روحية واجواء الشهر الفضيل، إلا أن الذاكرة الرمضانية ما زالت تحتفظ ببعض من الاغاني والفوازير والموشحات، التي ظلت عالقة بالذاكرة، على الرغم من مرور سنوات طويلة على انتاجها.

وعلى الصعيد المحلي ما زال ابتهال " يا إله الكون إنا لك صمنا وعلى رزقك افطرنا وأنا .. " يطرق اسماعنا بالتذاذ بعد مدفع الافطار، والايذان بتناول الطعام بعد مجاهدات النفس طوال النهار بالصوم، فتكون لهذا الابتهال نكهة خاصة عند سماعنا له تتواشج مع اجواء الافطار بسحر خاص، عندما يطرق اسماعنا تنفتح الذاكرة لليالي رمضان ومائدة الافطار التي كانت تضم أفراد العائلة.

وبالفعل هذا الابتهال له سحر ابداعي يتجدد كل رمضان، فعلى الرغم من أن الموسيقار روحي الخماش سجل هذا الموشح في دار الاذاعة بالعام 1957 باصوات فرقة الانشاد العراقية، وهو من تأليف الشاعر هشام الحلي، اي انه سجل بما يقرب من سبعة عقود، الا انه ما زال ينث شذاه العطرة بالذاكرة الرمضانية، فأي إبداع هذا ؟.