{التيك توك} وتأثيره في ثقافة القراءة

ثقافة 2025/03/06
...

  بغداد: نوارة محمد 


إذا كان ثمة ما يميز شباب العصر الجديد، فإن التوجه الهائل لمنصة "التيك توك" يُعد في مقدمتها، واللافت في الأمر أن البعض صار يعدّها محطة انطلاق ومنصة لكسب الشهرة أو العيش، وعدد كبير من صُنّاع المحتوى عدّها منصّة للترويج للكتب من أصحاب دور النشر والباعة، وحتى المدوّنين، ولكن الغريب أن هذا السلوك يجذب القُراء بأعداد مهولة وضعف ما كانت عليه، فهل يقلب "التيك توك" الموازين ويعيد الشباب الى القراءة؟ 

يقول الكاتب والروائي خضير فليح الزيدي: منذ انطلاقتها الأولى ومعرفتنا بها شكلت مواقع التواصل الاجتماعي حالة مغايرة في وعينا جميعا، وإذا كان التساؤل المطروح "من التيك توك الى دور النشر هل أصبحت منصات التواصل الاجتماعي أكثر تفاعلا مع الكتاب وأعلى رواجا؟"، سيكون جوابنا أن تأثيرها واضح ولا مفر منه مع أن الغالب منا يود لو بقى التعامل مع دور النشر. لكن لا يمكننا إلا الاعتراف في أن مواقع التواصل الاجتماعي لها مميزات علينا أن نأخذ بطابعها العام. 

ويتابع: الملفت أن التعامل معها يسير ولا وجود لصعوبة فنية في الغالب من خصائصه. ولكن لماذا نصر على التعامل المتواصل معها؟ سيكون الجواب أنها تحيطنا ولا يمكن الفرار من الحاجة اليها، بل اصبحت ضرورة ملفتة. ويوضح "أننا نحيي حياة العلم ونتعامل مع كل أنظمة التواصل الحديثة والأمر بات مباشرا، لأنه يرفدنا بما نريده خلال دقائق".

والواقع أن إنجازات منصّة "تيك توك" ومجتمعها الافتراضي المخصص للترويج للكتب وثقافة القراءة بإشكالها كافة، مثلما  يحدث في المكاتب الرقميَّة التي تحوي ملايين العناوين، والدور الذي مارسه المدونون والمؤثرون في التشجيع على سلوك القراءة والنهضة الفكرية بشكلها الحداثي والتي فاقت التوقعات. 

وتقول فرقان فؤاد: لقد نجحت في وقت قياسي في تحقيق ما لم تصل إليه دور النشر في سنوات، سرعان ما بدأت بصنع مقاطع فيديوية قصيرة حظيت بردود افعال جماهيرية كبيرة وصار أغلب جمهوري الذين يصل عددهم إلى أكثر من مليوني متابع على صفحتي في "انستغرام" يطلبون مني هذا النوع من مقاطع الفيديوهات، حتى أن بعض الكتب وصلت إلى قائمة الأعمال الأكثر مبيعاً، بفعل الترويج الالكتروني الذي يسيطر على المشهد الثقافي مؤخرا. 

وتعتقد فؤاد وهي روائية وصانعة محتوى ترويجي للكتب أن سوق الكتاب تشهد انتعاشاً كبيراً، لا سيما مع عودة الشباب إلى القراءة من جديد، لقد ساعدت المنصات في عملية تسهيل القراءة لمن لا يمكنه شراء الكتب خصوصاً مع الترويج السريع الحداثوي الذي أنعش عملية القراءة.

وعن المؤثرين المراهقين الذين أعادوا الشباب الى القراءة اثارت الصحفية الاميركية في تقرير صادر عن صحيفة "الغارديان" البريطانية حمل عنوان "صعود بوك توك.. تعرّف على المؤثرين المراهقين الذين يدفعون بالكتب إلى صدارة القوائم" تساؤلات عدة، من بينها كيف أسهمت منصات التواصل الاجتماعي في اعادة أحياء روائع الأدب الإنجليزي مثل مؤلفات "تشارل ديكنز، وإيميلي وشارلوت برونتي" خصوصا بعد أن بدؤوا بنشر بعض الاقتباسات التي تحظى بنسب قراءة عالية وبتداول واسع.

ويعتقد الشاعر جواد الحطاب أن المنصات أصبحت للدعاية والترويج أكثر منها لعرض الكتب الثقافية الرصينة، والدليل هو انتشار اسماء في الغالب ليس لها علاقة وثيقة بالمحتوى المبدع والرصين، وهنا تأتي ثقافة المتواصل مع هذه المنصات، وثقافة القيمين عليها أيضا. 

وإن كان ذلك لا ينكر أن بعض منصات التواصل الاجتماعي أصبحت تلعب دورًا مهمًا في تعزيز التفاعل بين الكتاب والمجتمع، وتقديم الفرص للكتاب الجدد ليطلع الآخرون على أعمالهم. ويتبادلون معهم الأفكار حول الجديد ومدى تأثرهم فيه، او بقائهم في الهامشي والانسياق الى السائد.