الأمراض المتوطِّنة والتهريب يهددان الثروة الحيوانية

اقتصادية 2025/03/06
...

 بغداد : عماد الامارة

  

في العراق، حيث تمثل الثروة الحيوانية مصدراً حيوياً للاقتصاد الوطني، يتعرض هذا القطاع لتحديات معقدة تهدد استدامته. الأمراض المتوطنة، والتهريب، والذبح الجائر، كلها قضايا طارئة تُعيق النمو الثروة الحيوانية. ورغم هذه العوائق، تظل هناك فرص واعدة لإصلاح هذا القطاع والنهوض به من خلال اعتماد تقنيات حديثة، وإدخال استراتيجيات متطورة مثل التحسين الوراثي والتلقيح الاصطناعي. ومن خلال استثمار كبير وتعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، يمكن للعراق أن يستعيد عافيته في هذا المجال الحيوي ويحقق تقدماً ملموساً يُسهم في تعزيز الأمن الغذائي.

وفي هذا السياق، قال وكيل وزارة الزراعة السابق، الدكتور مهدي ضمد القيسي، في حديث خاص لـ"الصباح"، : إن الثروة الحيوانية بمختلف أنواعها تُعدّ من القطاعات الحيوية التي يجب الاستثمار فيها بشكل كبير. وأضاف أن حماية هذه الثروة من أولويات السياسات الاقتصادية الحكومية، حيث تُسهم في توفير البروتين الحيواني وتعزز الاقتصاد الوطني والأمن الغذائي.


تحسين وراثي

وأكد القيسي أهمية دعم برامج التحسين الوراثي للحيوانات بما يتناسب مع احتياجات السوق، لا سيما تلك المتعلقة بصفات الحليب واللحم والصوف، مشيراً إلى ضرورة استخدام تقانات الوراثة الجزيئية لإنتاج سلالات محسَّنة لهذه الصفات. وأضاف أنه يجب توزيع العواسي والتيوس الشامية المحسَّنة بين كبار وصغار المربين لتحقيق ذلك 

الهدف.

التلقيح الاصطناعي

وفي ما يتعلق بالتلقيح الاصطناعي، أشار القيسي إلى ضرورة استيراد الحيوانات بشكل علمي ودقيق، واختيار المواصفات الخاصة لهذه الحيوانات وفقاً لمعايير محددة مع الدول المصدرة. كما أوصى بالاستمرار في اعتماد تقانة التلقيح الاصطناعي للأبقار باستخدام قصبات السائل المنوي من الطلائق المقيمة، مما يساعد في تحسين نسل الأبقار وراثياً، وبالذات في الصفات الاقتصادية مثل الحليب 

واللحم.

كما شدد القيسي على أهمية برنامج نقل الأجنَّة للأبقار، الذي نفذته وزارة الزراعة، والذي يُسهم في تسريع التحسين الوراثي للبقر واختصار الزمن اللازم لتطوير واقع الأبقار في العراق. ولفت إلى إمكانية استخدام التلقيح الاصطناعي للجاموس لتحسين إنتاج الحليب واللحم، بالإضافة إلى تكييفه للظروف المحلية.


القصبات المستوردة

وتطرق القيسي إلى بعض المخاطر المحتملة لاستخدام التلقيح الاصطناعي في العراق، متمثلة في عدم ضمان خلوّ القصبات المستوردة من تشوُّهات جينية أو وراثية. ولتفادي هذه المشكلة، أكد أهمية إجراء فحص جيني دقيق للقصبات المستوردة من قبل لجنة علمية مختصة في بلد المنشأ قبل عقد صفقات الاستيراد.

القطاع الخاص 

كما أشار القيسي إلى ضرورة دعم القطاع الخاص في إنشاء مشاريع لإنتاج الأعلاف الوطنية، والتي تعتمد على المواد الأولية المحلية، مثل المخلَّفات الزراعية والصناعية، لتصنيع علائق مناسبة للحيوانات. ودعا إلى دعم القطاع الخاص من خلال تخصيص الأراضي لهذه المشاريع، إضافة إلى شمولها بقروض من البنك المركزي بفائدة مخفَّضة، بشرط ضمان تنفيذ المشروع ضمن إطار زمني محدد.


تشجيع الاستثمار

من جانبه، أكد مدير عام الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة، الدكتور وليد محمد، في حديثه لـ"الصباح"، على أهمية تشجيع الاستثمار في مشاريع تربية الأبقار الحلوب، وتسمين العجول، والحملان. وأوضح أن تربية الحيوانات حالياً تقتصر على مربين من أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يحتاجون إلى دعم مباشر، وهو ما يعدُّ من التحديات الحالية، بسبب قلَّة التخصيصات الموجهة لهذا 

القطاع.

وأشار محمد إلى أن وزارة الزراعة اتخذت إجراءات لتسهيل الاستثمار في هذا المجال، من بينها تخفيض المساحة المطلوبة لإنشاء مشاريع المجترَّات من 20 دونماً إلى 10 دونمات، وكذلك السماح باستخدام 25 بالمئة من مساحة العقد لإنشاء مشاريع للثروة الحيوانية.

إن النهوض بالثروة الحيوانية في العراق يتطلب التوجه نحو حلول مبتكرة تعتمد على الاستفادة من التقنيات الحديثة في تحسين السلالات، والتوسع في مشاريع إنتاج الأعلاف الوطنية، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا القطاع الحيوي. إن تقديم الدعم اللازم للمربين، بالإضافة إلى تطوير التشريعات والسياسات الاقتصادية، يعدُّ الطريق الأمثل لضمان تعزيز دور هذا القطاع في الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الغذائي.