ماري لو كوستا
ترجمة: شيماء ميران
مع أن طفولتي لم تكن مميزة كثيراً، لكن هناك أشياء لا تزال راسخة في ذهني، مثل التعرق خلال فصل الصيف وأنا ألعب حافية القدمين في الخارج، وبقاء والدي مستيقظين طوال الليل في يوم عيد ميلادي، ومشاهدة والدي وهو يُعد لنا البيتزا يوم العطلة.
لقد صاغت ذكرياتي شعوري تجاه تربيتي. والأخذ بوصية والدي «أكرم أباك وأمك» على محمل الجد، ما انعكس على التزامي الأسري، إذ لم يكن هناك الكثير من التسامح مع العصيان أو الوقاحة في الرد، وكان العقاب بالضرب أمراً طبيعياً، لكني لا أتبع هذه الطريقة في تربية أبنائي.
ذكريات راسخة
كان والدي هو بطل حياتي في كثير من النواحي، ففي سن الثامنة عشرة انتقل من إيطاليا إلى استراليا وأمضى سنوات عدة في العمل اليدوي الشاق في قطف الفاكهة وقطع قصب السكر لتحقيق الحلم؛ وظيفة مستقرة ومنزل وأسرة. تعلق بذاكرتي الكثير من الأحداث الجميلة، مثل وليمة يوم العطلة ومعارك الدغدغة قبل النوم وبطولات المونوبولي بعد العشاء، لكن مع الأسف لا يزال الضرب عالقاً في ذهني، مع أني لا أحمل ضغينة تجاه والدي، لأنه كان يعرف الكثير عن تربية الأبناء، ولكني لا أريد أن أزرع ذلك في ذاكرة أطفالي.
تعامل لطيف
أما أنا فلدي ولدان صاخبان في سن الـ (6) و(2) من العمر، ويبدو أن اللجوء إلى القوة هو الخيار الوحيد في لحظة الغضب لإيقاف بركان أو نوبة غضب قد تصيب صبياً صغيراً، فالمحاولات المنطقية تصبح عقيمة. واليوم، أدرك ما كان يشعر به والداي. ولكن أحاول جاهدة أن أقوم بشيء مختلف عنه وهو التعاطف وتبديد المشاعر السلبية.
وعند التفكير بعمق بتصرفات أطفالي توصلت إلى أنها ليست انعكاساً لسوء أو حُسن سلوكهم، بل إنها تعكس مدى استعدادهم للتعامل مع حدث بعينه في تلك اللحظة. لست طبيبة نفسية للأطفال أو مدافعة عن التربية الودودة، لكن حين سمعت والدي يقول: «هذا الصبي يحتاج لصفعة قوية على مؤخرته»، بينما رأيت ابني الأكبر في لحظة تمرد، عرفت أن ما يحتاجه هو فرصة لسماع صوته لكي يطمئن ويشعر بالحب.
تشكيل ذاكرة الطفل
لا يعني ذلك خنق أطفالي بالحب في الأوقات الصعبة. بل على العكس من ذلك، لكن عندما يتضح أن أي كلام عقلاني له التأثير ذاته، يتعين عليّ حل المشكلة. فقد أغلقت الباب بوجه ابني الأكبر في كثير من الأوقات لإعطائه بعض المساحة، ما يمنحني الفرصة للتهدئة وتجاوز مشاعري الخاصة. وعندما أعود للمنزل، نكون في وضع يسمح لنا بالتحدث، والأهم أننا نحتضن بعضنا البعض عندما نناقش ما نقوم به بشكل أفضل في المرة المقبلة.
رغم أن هذا لا ينجح في كل مرة نصطدم فيها، لكنه يساعد في الحفاظ على التقارب بيننا. ففي آخر نزهة لنا مع بعض، لم يتوقف ابني الأكبر عن الحديث طوال الوقت، وملأ أذني بأفكاره حول برامجه التلفزيونية المفضلة، وما يعتقد أنه سيتعلمه بالمدرسة في الأسابيع المقبلة، ومتى قد تأتي جنية الأسنان، وأفكار عما قد نفعله في إجازتنا المقبلة.
بالتأكيد، أصبت بالدوار وكنت متلهفة للجلوس بمفردي مع فنجان من القهوة حين نعود للمنزل. لكن لا أتذكر أني أجريت محادثة مثل هذه مع والديّ سابقاً. لذلك، آمل أن تكون هذه النزهة واحدة من الذكريات الجيدة في طفولة ابني، ذكريات لا يكون للضرب دور فيها.
عن بزنيس أنسايدر