حقيقة الحلم الأمريكي

آراء 2025/03/10
...

 عبدالله حميد العتابي*


في خطابه الأخير الذي القاه الرئيس دونالد ترامب امام الكونغرس الأمريكي، والذي يعد أطول خطاب يلقيه رئيس امريكي في الكونغرس، أشار بوضوح إلى الحلم الأمريكي قائلا: “الحلم الأمريكي ينمو -- أكبر وأفضل من أيّ وقت مضى. الحلم الأمريكي لا يمكن إيقافه، وبلادنا على وشك تحقيق عودة لم يشهد العالم مثيلا لها من قبل، وربّما لن يشهد مثيلا لها مجدداً”. والحلم الأمريكي ليس ابتكارا ترامبيا، بل متجذر في العقلية الامريكية ومتأصل في تاريخها القصير، قياسا لتاريخ شعوب العالم، فعلى سبيل المثال،قال الرئيس المؤسس للولايات المتحدة “جورج واشنطن” في عام 1789 “إنه موكل بمهمة عهدها الله إلى الشعب الأميركي”. في حين قال الرئيس “ توماس جيفرسون” العام 1801 “الأميركيون شعب الله المختار”، و في نهاية القرن التاسع عشر بدأ رجال الفكر الأميركيون بصياغة رسالة مستقبل “المجتمع العظيم” و حلمه، هذا الحلم الذي عبَّر عنه المفكر والمؤرخ الأميركي جون فاسك في كتابه “أفكار سياسية أميركية” العام 1885، ويحكي الحلم قصة خيالية عن حفلة غداء لمناسبة عيد الرابع من تموز ضمت عدداً من الأميركيين، وتحدث خلالها ثلاثة رجال عن مستقبل الولايات المتحدة. فقال الأول : “أتطلع إلى الولايات المتحدة التي تحدُّها شمالاً أميركا الشمالية وجنوباً المكسيك وشرقاً المحيط الأطلسي، وغرباً المحيط الهادئ”. وقف الثاني وقال: “لا لا هذه رؤية محدودة جداً، إن حدودنا تشمل الجنس الإنكلو ساكسوني اجمع. أتطلع إلى ولايات متحدة يحدها شمالاً القطب الشمالي، وجنوباً القطب الجنوبي، وشرقاً مشرق الشمس، وغرباً مغرب الشمس”، فحيّا الحاضرون النبوءة بحماس بالغ وتصفيق حاد، هنا نهض المتحدث الثالث وقال: “لندع الماضي والحاضر، ولنضع وحسب مصيرنا الواضح في الحسبان. هذه حدود ضيِّقة شديدة التواضع، إنني اطلع إلى الولايات المتحدة التي يحدها شمالاً الشفق القطبي الشمالي، ويحدها جنوباً تقادم الاعتدالين، ويحدُّها شرقاً السماء الأولى، ويحدها غرباً يوم القيامة”. هكذا بنيت اسطورة الحلم الأمريكي، وهتا نستذكر حديث المفكر الأميركي أوليفر هولمز (1841 – 1935): “الحق يمتلكه الشعب القادر على قهر الشعوب 

الأخرى”. 

وقال الرئيس الأميركي الأسبق “تيودور روزفلت (1858 – 1919): “أمركة العالم قدر أمتنا ومصيرها”. وخلال الحرب العالمية الأولى أكد الرئيس الأميركي وودرو ولسن: “إن الولايات المتحدة إنما أسست لمصلحة البشرية “. واستمر الحلم الأميركي وبدأت ملامح تحققه مع نتائج الحربين العالميتين الأولى والثانية حيث كان المنتصر الوحيد فيهما هو الولايات المتحدة الاميركية، والتي تمتلك قدرات متنوعة وهائلة في المجالات المختلفة، وعقيدة ليبرالية رأسمالية جعلتها تهيمن على القسم الأكبر من اقتصاد العالم وتتحكَّم به. نستخلص مما تقدم ان الرئيس ترامب يريد ان يحقق نبوءات من سبقوه من الرؤساء الأمريكيين في تحقيق عظمة أمريكا لكن على حساب الشعوب الأخرى.


أستاذ التاريخ الأمريكي - جامعة بغداد