الكسندرا كوزيفا
ترجمة: شيماء ميران
لا تزال "بستان الكرز" أحد أشهر المسرحيات الروسية التي عُرضت في جميع أنحاء العالم. فما السر وراء نجاحها؟ وما هي قصتها؟
تروي المسرحية قصة "رانيفسكايا" المرأة النبيلة التي تعيش في فرنسا منذ سنوات عدة مع الرجل الذي تحبه. لكنها تُفلس في النهاية، بعد أن تُنفق كل أموالها، لتعود في النهاية إلى روسيا مع ابنتها ذات السبعة عشر
ربيعاً.
وكان السبب في إفلاسها أنها قامت برهن جميع ممتلكاتها الضخمة للبنك، وأنفقت القرض بأكمله ولم تسدد الفائدة، فقام البنك بعرض هذه الممتلكات بما فيها بستان الكرز العائلي للبيع بالمزاد العلني.
وتصاب "رانيفسكايا" بحالة من اليأس، ويحاول شقيقها السيد "غاييف" مساعدتها ويقترح شراء ممتلكاتها، لكنه لا يملك من المال ما يكفي لشرائه.
حتى زيارة "لوباكين" صديق للعائلة، وهو ابن الفلاح الاجير الذي كان يعمل عندهم، واليوم هو تاجر ثري ورجل له آراء تقدمية، ويقترح عليها تقسيم أرض بستان الكرز الضخم إلى قطع، وتأجيرها بشكل منفصل وجني الأموال منها.
لكن "رانيفسكايا" الحالمة المتأملة ترفض ذلك. وتوضح لـ "لوباكين" أن بستان الكرز هذا هو ما بقي لها من عائلتها، وكيف نشأ فيه جميع أسلافها وكذلك هي ذاتها وأطفالها، ولا يمكن لها أن تتصور حياتها بدون هذا البستان.
وعندما يأتي يوم المزاد، يتفاجأ الجميع أن من يشتري الأملاك اضافة إلى بستان الكرز هو "لوباكين". وتعود "رانيفسكايا" إلى باريس لإنفاق هذه الأموال، اضافة إلى الأموال التي اعطتها أم زوجها لحفيدتها. وتنتهي المسرحية بأصوات الفؤوس وهي تقطع أشجار الكرز.
قد يكون أنطون تشيخوف، هو الكاتب الروسي الوحيد الذي لا يحب الدراما، على عكس "تولستوي" و"دوستويفسكي"، ومع أنه يصف الأشياء بطريقة هادئة، لكن يمكن قراءة المادة الدرامية في كتاباته ما بين السطور.
في الواقع، يتحدث "تشيخوف" في هذه المسرحية التي حظيت بشعبية كبيرة عن نهاية نمط الحياة النبيل القديم. ومع أنه كتب هذا العمل عام 1903، أي قبل أربعة عشر عاماً من الثورة البلشفية، والتي لم يعش ليشهدها.
يُظهِر "تشيخوف" أن جميع النبلاء في ذلك الوقت كانوا حالمين فاقدين أي اتصال بالحياة الواقعية، بينما أبن الفلاح الأجير السابق لم يكن رجلاً ثريا وناجحا فقط، بل واقعيا أيضا، ويتحدث عن أشياء لا يرغب أي شخص بسماعها، لكنه في نهاية المطاف هو الذي يكسب، ليتغلّب نمط الحياة الجديد والتقدم على بستان الكرز الذي لا يُدر اي فائدة أو أموال، بل مجرد ذكريات حزينة فقط.
في الحقيقة، يعد صوت الفؤوس التي تقطع الخشب رمزاً مشرقاً يشير إلى الكيفية التي اُنهيت بها الحياة القديمة. وكيف أصبح النبلاء فائضين عن الحاجة في نمط الحياة الجديدة، وكيف يتفوق التطور.
في العام 1904، عرض المخرج "ستانيسلافسكي" والمؤلف "نيميروفيتش دانتشينكو" الروسيان المسرحية لأول مرة في مسرح موسكو للفنون، وحقق الأداء نجاحاً كبيراً.
عن غيتواي تو روسيا