بَقِيَ الاشتغال بالطرق أو الحرق على الخشب، مقتصرا على تناول الموروث الفولكلوري والتراثي، كحرفة متوارثة عبر أجيال لصناعة الأدوات مقترنة بجمالية التزيين، نقش الزخرفة مثلا، والمكونات الفنية الأخرى، وكفنٍّ فإنّه تناول الأمكنة القديمة وآيات القرآن الكريم، الحرف العربي، كثيمة رئيسية، برؤية انطباعية وتجريدية على حد
سواء.
وأعتقد أنّ أياً من الفنانين العراقيين ممن اشتغلوا على هذا الفن لم يكن الا من الزوّار او الزبائن المدمنين على زيارة "سوق الصفّارين" في بغداد او في محافظات أخرى، من حيث كونه المدرسة الأولى لتعلّم فن الطرق على النحاس أو الحرق على الخشب كمهنة،.
فهي وكما اطلعتُ على أعمالها تنمّي عشق حرفة العمل على الخشب كاحتراف من خلال دراستها الأكاديمية، وتمتلك موهبة الفنانة الممتزجة بها، بل تنصهر حدَّ الولع لتكتمل أكثر أعمالها بهاء وقدرة على إيصال
المعنى .
وهي في لوحاتها كأنّها تكتب قصيدة تؤشر بصمتها خالصة، وتوقظ هذا الفضاء الفني من غفوته في ظل تقنيات "خربت" معنى التراث الذي يؤشر هو الاخر العلامة الفارقة لروح وحيوية بغداد، فضلا عن اشتغالها على لوحة القماش وبألوان الزيت وذات الأفكار التي ترتفع فيها تشكيلات التراث والموروث الشعبي بكل تمفصلاته .
ومن هنا نجد الفنانة شفاء تتعامل مع الموضوع عن طريق "الاسكيج" او بعض الأحيان يكون الموضوع مباشرا في بناء فكرة من الخيال، وهنا أجد الأحساس في عملية التنفيذ للوحة وكذلك في استمرارية الشغل تحدث بعض الاضافات وكذلك يكون بعض الحذف لعملية إخراجية للوحة، وان يكون ناجحا في اعجاب المتلقي، وهي تتمرّد وتنفعل مع شخوصها التي تلتقطهم من قاع المدن، ومن الحارات المهملة، هؤلاء هم علامتها الفارقة، بل الأثيرة في غالبية أعمالها وتخطيطاتها التي أشرت كأول امرأة تقتحم هذا الفضاء التشكيلي الجميل .
وعن فلسفة الجمال التي تشكّل معيار عملها التشكيلي تقول شفاء : "فلسفة الجمال في العمل الفني لها رؤيا خاصة، وإحساس الفنان فيها لتحويل مادة صامتة الى شيء ناطق وجميل ليكسب فيه جمهورا ويضع تساؤلات أمام المتلقي، ليعطي النقد الفني رأيه حول العمل اما جميل او غير جميل
، هذه اراء الناس لعالم الجمال، وهو كلّ شيء يجلب النظر والروح في هذا العالم عند بعض الفلاسفة، لذا تكمن فلسفتي في بث روح الجمال والمتعة في قطع قد لا تمثل شيئا لدى الكائن
البشري".
إذن هي تلتقط كل ما هو جميل وله معنى لتختاره بعناية في مواضيعها، تختار التعابير والمواضيع الجميلة التي تحاكي الواقع والخيال، والتي ايضا تستفز المتلقي بالأسئلة، تمزج الواقع والخيال وتربط الماضي بالحاضر، وهناك الملامح التي أجدها على جغرافية الكائن البشري التي تستفزها لتوقظ في داخلها معاني وهاجس الانفراد الى صومعتها كي تمنحها واقعية التنفيذ والرؤيا التي تجعلها تتميز عن
الواقع.
والشارع بكل تفاصيله هو مادتها ومواضيعها التي تتأثر بها وتعانق ملكوت ما
تفكّر .بَقِيَ لي أنْ أقول إنّها أدخلت اللون كتجريب، وكانت تجربتها ناجحة وجميلة أحسست أنّها أضافت الى العمل الفني بعدا اخر توزع بشكل فني جميل، وتحريك للوحة وخلق نوع من الايجابية داخل التكوين العام للموضوع الذي تعمل عليه .