أركادي أفرتشينكو: مسرح الفكاهة الواعية

ثقافة 2025/03/12
...

 مآب عامر 


تستند مسرحية "المنتحر" لأركادي أفيرشينكو إلى قصة "العربة" إلى مجموعة "الأزرق والذهبي" عام 1917. وقد عرضت هذه الكوميديا للمرة الأولى بمشاركة المؤلف في ملهى "بيت الفنان" عام 1919 في سيباستول تحت عنوان "علاج الغباء" ثم عرضت في عام 1929 في مسرح النهضة تحت عنوان "الانتحار". تم تضمينها في برنامج الأمسية الثانية لفكاهة أفيرشينكو، الذي عقد في عام 1922 في مسرح إستيت "أرشيف المسرح الوطني في براغ".

يؤدي مسرحية "المنتحر" المدونة في كتاب "المفتاح" لملك الفكاهة والضحك أركادي أفرتشينكو وتتكون من ستة مشاهد ثلاث شخصيات وهم (بيلقيتش – المنتحر، المهندس بيريجوف صديقه وهو شخص ذكري للغاية، وليزا – خامة بيلقيتش). وتجري أحداثها ليلاً في مكتب بيلفيتش. 

أما مسرحية "نابليون بونابرت- سيدة تطرز على الورق" فقد عرضت لأول مرة بعنوان "1812" ويؤديها كل من شخصيتي "الناشر والكاتبة"، وفي مكتب الناشر تدور أحداثها، إذ يجلس الناشر على الكرسي. يقرأ في المخطوطات أمامه. فتدخل الكاتبة وهي ترتدي قبعة ومعطفاً تجلس على الطاولة وتتنفس بصعوبة، ومن هنا تتصاعد الأحداث حتى نهاية المسرحية. ومن الحوار الذي يدور بين الناشر والكاتبة نقرأ: 

-الكاتبة: يا إلهي أتلقي الضربة تلو الأخرى! أبسبب هذه الأخطاء الطفيفة تهلك الرواية كلها؟ كل المشاهد الرائعة، حريق بيريزينا، وتزييف أقفال مفاتيح مدينة موسطو. هروب نابليون من شبه جزيرة هيلانيا. 

– الناشر: (باهتمام) بيريزينا وحريق؟. 

-الكاتبة: من جميع الزوايا الأربع. مثل الشمعة. 

-الناشر: عمّاذا تتحدثين؟  

-الكاتبة: ها! هذا هو أفضل فصل لي في الرواية: نار بريزينا! لا يمكنك أن تتخيل المشهد. غير عادي ومذهل. 

(تقفز) كما ترى دخان، وشرر، ونار.

-الناشر: (ينظر إليها بثبات) إمم! ألم يخبرك أحد أن بيريزينا.. أممم.. نهر!

-الكاتبة: كلام فارغ! كيف يمكن لنهر أن يشتعل!

-الناشر: لأنه لم يشتعل. أيضا تحدثت عن شبه جزيرة سانت هيلانا، إنها ليست شبه جزيرة، بل جزيرة كاملة!.

- الكاتبة: كم أنت مضحك؟ حسناً لنفترض أن سانت هيلانا جزيرة، ولكن نابليون لم يحتل الجزيرة بأكملها، بل نصفها. شبه الجزيرة كان يكفيه تماماً. 

مسرحية "نابليون بونابرت" مستوحاة من قصة للكاتب نفسه من مجموعة "ملاحظات جرذ مسرحي- 1915". 

أما مسرحية "كوب شاي" فقد كُتبت على أساس قصة قصيرة تحمل الاسم نفسه. ونشرت للمرة الأولى في العدد 74 من مجلة الفكاهة "ستيركين" عام 1912. وحالياً موجودة في الأعمال الكاملة لأركادي أفيرشينكو المجلد الرابع. 

عرضت للمرة الأولى في سيباستيبول على مسرح " عش الطيور المهاجرة" في 1920، ونشرت للمرة الأولى من مخطوطات أركادي أفيرشينكو من أرشيف الدولة الروسية للأدب والفن. 

مسرحية "كوب شاي" تتكون من أربع شخصيات وهم " الزوج. الزوجة. أخت الزوجة. المربية" وتضم أربعة مشاهد، نقرأ في المشهد الرابع: 

السيد: (يمشي من الصفوف الخلفية إلى المسرح، ويصرخ بصوت عال). انتظر! انتظر!

(يصعد على خشبة المسرح). دقيقة واحدة أيها السادة، سامحوني على الاندفاع دون سابق إنذار.. أنت.. آسف لا أعرف اسمك! لكن الحقيقة أنني كنت جالساً هناك، ورأيت كل شيء، ويبدو أنني اكتشفت ما هو الأمر، وكما يقولون أريد أن أقودك إلى طريق واضح. 

يبدو كتاب " المفتاح" الذي يضم العديد من مسرحيات أركادي أفيرشينكو شاهدة على مساعي الكاتب المسرحي في تقديم مزيج من الدراما والكوميديا، وهو توجهٌ حديث في الكوميديا، خاصة عندما يرتكز العمل المسرحي على عدد محدود من الشخصيات. 

في هذه المسرحيات تتحرك الشخصيات المحدودة في مسارات غامضة، وتختبر وعي القارئ أو المتلقي أمام تساؤلات تتطلب اجابات، فمواضيع المسرحيات لا تهدف إلى إثارة التشويق أو الفكاهة فقط، بل الخوض في تلك العلاقات المعقدة بين الشخصيات والأفعال والمواقف. حتى تبدو مسألتي الجدية والفكاهة في حبكة الدراما المسرحية متشابكة مع بعضهما البعض، الأمر الذي يفرض على المتلقي أن يكون حساساً تجاه الأحداث والحوارات.