ابو عكرب يحكي قصصًا غنائيَّة على إيقاع المربعات

ثقافة 2025/03/12
...

 بغداد: رشا عباس

 تصوير: نهاد العزاوي


في أجواء رمضانية غامرة، ارتفع صوت إبراهيم أبو عكرب، رائد فن المربعات البغدادية، مجسدا صورة زاهية من التراث العراقي الأصيل. تمازجت نبراته العذبة مع أنغام فرقته الموسيقية، بينما أضفى بأسلوبه الساخر وحكايته العفوية، طابعا فريدا على الأمسية، التي اكتظت بالعائلات البغدادية المتعطشة للفولكلور العريق. هذه الفعالية، التي تندرج ضمن الأسبوع الأدبي في دورته الثالثة.

نظمها الاتحاد العام للأدباء والكتاب، لتكون مساحة يلتقي فيها الفن بالسرد، مستحضرة ملامح الذاكرة الثقافية لبغداد في أبهى تجلياتها.

الجلسة قدمها الشاعر والاديب كريم القيسي، الذي أشار الى اسم الفنان المحتفى به ابراهيم فاضل ابراهيم القيسي والملقب "أبو عكرب" قارئ مقام،  ومن رواد المربعات البغدادية، بدأ اهتمامه بهذا النوع من الغناء في  العام 1968، واستمرت رحلة العطاء، وأخذ يجوب الدول العربية، مبينا تسمية المربعات أو المربع، لاحتوائها على أربع أسطر، ولكن هنالك من يكتب بالمخمس والمثمن.. ومع كل تسمية كان ابو عكرب يطرب الجمهور، كي يعطي شرحا عمليا لهذا الفن والتراث، الذي طالما تغنى به العراقيون ورددوا كلماته التي هي شعبية تنبع من الواقع ومعاناته.


رحلة عطاء 

الفنان ابو عكرب تحدث لـ"الصباح" عن ذكرياته، التي بدأت في ستينيات القرن الماضي، حيث كان أول حفل له في منطقة الفضل، تلك المنطقة التي ترعرع بها ولا يزال يسكنها، لمع نجمه وبات محط أنظار الأسر البغدادية، يتلهفون لسماع صوته في أغلب الحفلات التي تقام، إضافة إلى مشاركاته في مهرجانات عديدة، ومثل العراق في العديد من المهرجانات مثل: قرطاج في تونس وتركيا.. وغيرها.

وأضاف أبو عكرب: تمسكي بهذا اللون البغدادي وطريقة الأداء توارثتهما من أسرتي، التي هي من عشاق المربعات وقراء مقام وتواصلت على هذا النهج البغدادي بتعريف الناس بهذا اللون وطريقة الالقاء وجمال الكلمات النابعة من الوجدان، والتي تحكي قصصا غنائية منها قصة "العمة والجنة" الحوار بين الرجل والمرأة في مربع "شايب بعد ماريده"، فضلا عن أغانٍ قدمها أبو عكرب منها اغنية "أدير العين ما عندي حبايب" ومربع "اخذت عقلي ياحلو من سافرت" وغيرها، متحسرا على عدم الاهتمام الحكومي.


ليالٍ بغداديَّة

أما الفنان ناظم الأصيل، فقد أطرب الحضور بصوته وعزفه على آلة العود واسترجع ذكرياتهم الجميلة بأغنية للفنان فؤاد سالم، مشيرا الى أن الجمهور البغدادي بهذا الحضور ولساعات متأخرة من الليل أثبت أن العشق لبغداد ولياليها وأيامها لا يزال مستمرا ويتوارث عن طريق الأجيال، لا سيما وان الجمهور تنوع بين كبار السن والشباب والأطفال، مقدما شكره وتقديره لاتحاد الأدباء على جمال تلك الأمسية، على الرغم من ضيق الوقت.

من جانبه اشار الكاتب والمخرج صباح رحيمه إلى أن المربع البغدادي واحد من مفردات التراث الغنائي العراقي، الذي يمتلك هذا النوع من الغناء على أساس البيت، يتكون من أربعة اشطر وممكن أن يكون بخمسة وسبعة وثمانية أشطر.. من أشهر رواده فاضل رشيد، حسين علي، عبو ، ومغنون اختصوا بهذا النوع، موضحا مثل تلك الجلسات تسترجع الحنين الى الماضي، هو من جعل المتلقي يبقى لساعات متأخرة من الليل لسماع أغانٍ يرددها ويعشقها نابعة من تجربة انسانية بدون أن يكتبها 

شاعر .

بينما انبهر الدكتور كاظم المقدادي، وهو يستمع الى مقدم الجلسة ليقول :" هذا الغناء الاصيل القريب من المقامات، واصفا الفنان المحتفى به شخصية فنية لم يكن على المسرح مطربا، فحسب انما ممثل بطريقة الالقاء والغناء بمصاحبة 

فرقته .

وبين المقدادي: اتحاد الادباء عندما يقدم مثل هكذا أمسيات من الفن الشعبي الرفيع يشعرنا انه يهتم بجميع الفنون ليس فقط الشعر والقصة والرواية، فالأسبوع الادبي لخص ما معنى الثقافة وأن يكون هذا الاتحاد للجميع يشمل الفن والعلم 

والفلسفة.