محاولات استهداف ترامب

آراء 2025/03/13
...

  نرمين المفتي 

                    

أصدر جهاز الخدمة السرية الامريكية بيانا جاء فيه أن عناصره أطلقوا النار في وقت مبكر من يوم الأحد الماضي على رجل مسلح في شارع قريب جدا من البيت الأبيض بعد مواجهة مسلحة بينهم، ولم يشر البيان إلى حالة الرجل الذي نُقل إلى المستشفى. وكان المتحدث باسم الجهاز انتوني غوليبلمي قال في بيان على منصة (X) إن الشرطة المحلية أبلغت عناصر الجهاز في وقت سابق وصول "انتحاري" إلى واشنطن دي سي من ولاية انديانا. واستنادا إلى البيان فإن الرئيس الأمريكي لم يكن في البيت الأبيض حين استهداف المسلح، وكان يقضي عطلة نهاية الأسبوع في منتجعه ومقر إقامته في ولاية فلوريدا. يبدو أن استهداف ترامب اثناء حملته الانتخابية برصاص جرحت أذنه لم يكن حادثا عرضيا. وفي مراجعة للتاريخ الأمريكي، نقرأ ان محاولات استهداف حياة الرؤساء الأمريكيين ظاهرة ليست بالجديدة، حيث تعرض العديد منهم لمحاولات اغتيال عبر التاريخ، ويذكر العالم حتى الان اغتيال الرئيس جون كينيدي في 1963.. 

من يستهدف ترامب ولماذا؟ قد تكون هناك جهات منزعجة من سياساته ومواقفه المثيرة للجدل، فضلاً عن الانقسامات السياسية الحادة التي شهدتها الولايات المتحدة خلال فترة رئاسته الحالية والتي فاقت في أسابيعها الاولى ما تسبب به في فترة رئاسته الاولى (2017- 2021).

من بينها مواقف وسياسات أثارت انقسامات حادة داخل المجتمع الأمريكي الخاصة بالهجرة، والضرائب، والرعاية الصحية، والتي لاقت معارضة شديدة من بعض الفئات وخطابه السياسي التصادمي الذي يعتمده، فهو خطاب حاد ومباشر مما يؤدي إلى تأجيج المشاعر لدى بعض معارضيه. هذا الخطاب قد يكون ساهم في زيادة الاستقطاب السياسي والاجتماعي، مما جعل بعض الأفراد أو الجماعات يرون فيه تهديدًا يستوجب التصدي له بوسائل عنيفة ومواقفه الدولية المثيرة للجدل. السؤال الآن هو من يستهدف ترامب؟ من الصعب تحديد الجهات التي قد تسعى لاستهداف حياة ترامب بشكل دقيق، لكن يمكن الإشارة إلى بعض الفئات المحتملة: قد تكون بعض الجماعات المتطرفة داخل الولايات المتحدة، سواء من اليمين المتطرف أو اليسار المتطرف، ترى في ترامب رمزًا للسياسات التي تعارضها بشدة، مما يدفعها للتفكير في استهدافه.  وقد يكون هناك أفراد يشعرون بأنهم تضرروا بشكل مباشر أو غير مباشر من سياسات أو تصريحات ترامب، مما يدفعهم لمحاولة الانتقام. أو بعض الدول والمنظمات الخارجية التي تضررت مصالحها بسبب سياسات ترامب قد تسعى لاستهدافه، سواء بشكل مباشر أو عبر دعم جهات تنفذ ذلك. ولا بد من الإشارة إلى تصاعد اصوات أمريكية بسبب ادارة ترامب وخاصة ايلون ماسك والذي تناقلت وكالات الانباء المشادة الكلامية العنيفة التي جرت بينه وبين وزير الخارجية روبيرو اثناء اجتماع لمجلس الوزراء وبوجود ترامب، لان مقترحات ماسك لتقليص النفقات تؤثر في السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة نفقات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والتي تعتبر اهم وسيلة قوة ناعمة للتدخل الأمريكي في دول العالم. وكان ماسك قد اعترف بخطئه بعد ان رفضت المحكمة الاتحادية قراره بفصل الموظفين الاتحاديين، مما أرغم ترامب للقول بأنه ليس وزيرا انما مستشارا وما يشير اليها ليست قرارات ملزمة. ويبدو ان ترامب فشل حتى الان بوعوده اثناء الحملة الانتخابية ومن بينها إنهاء الصراعات الدولية وتحسين الظروف المعيشية للأمريكان في الداخل انما على العكس ارتفعت الاسعار وبدأت اصوات ترتفع بهذا الخصوص. اما بالنسبة للازمات الدولية التي وعد بحلها خلال ايام بعد دخوله المكتب البيضاوي، لان هذه الحلول ستحسن أوضاع الداخل الأمريكي، ومن هذه الأزمات، الحرب الروسية الاوكرانية، التي فشل في ايقافها حتى الان وكان في حملته الانتخابية ولا يزال يتهم ادارة الرئيس السابق بايدن التي ادام ضعفها الحرب. وفشل في ايقاف الفوضى في الشرق الأوسط، بل وإنفاقه مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو في العمل على مشروع الشرق الأوسط الجديد، ادخل المنطقة كلها في فوضى لم تشهدها سابقا ولم ينجح حتى الان في حل ازمة غزة، استتادا إلى القانون الدولي وقرارات مجلس الامن، وربما يرى نفسه (ناجحا) وهو يقترح تهجير سكانها! هذا الفشل قد يكون ساهم في زيادة الاستياء من سياساته، سواء داخليًا أو خارجيًا، مما قد يدفع بعض الجهات للتفكير في استهدافه. ولا بد من القول إن اللجوء إلى العنف ليس حلا وأن التعبير عن المعارضة يجب أن يتم بوسائل سلمية وقانونية داخليا، خاصة أن المحكمة الاتحادية الأمريكية تقف بالمرصاد وخارجيا دائما هناك فرص للمفاوضات والقانون الدولي بدلا من التصعيد.