في رمضان.. كيف تبدو الدراما العراقيَّة؟

ثقافة 2025/03/13
...

  د. حيدر علي الاسدي


حفل الموسم الرمضاني هذا بالعديد من الأعمال الدرامية العراقية، وزيادة الإنتاج تشكل علامة عافية في المشهد الفني العراقي لهذا العام، ولكن ثمة سلبية في ذلك رغم أن الكم من الممكن أن يفرز نوعاً في قادم الأيام، إلا أن الأمر يتمثل في صعوبة أن يتابع المشاهد العراقي 27 مسلسلاً وربما أكثر في آن واحد. ولا أعرف من أين استقى العديد من المنتجين والمخرجين والقنوات الفضائية فكرة العروض الحصرية خلال شهر رمضان فقط!. 

لماذا لا تتوزع تلك الأعمال على امتداد سنة كاملة، وليس في شهر واحد فقط، ناهيك عن ترامي تلك الأعمال وضياع بعضها في ظل عرضها بقنوات فضائية غير مشاهدة أو مغمورة، وأيضاً تكرار الوجوه من الممثلين الذي يخلق حالة من الملل لدى المشاهد العراقي. ولكن ثمة أعمالاً جيدة وتستحق المشاهدة مثل "بيت الطين، ولم الشمل" وغيرها، فضلاً عن بروز أداء رائع لبعض الممثلين، الذين ارتكزت الأعمال على أدائهم المميز، كما في "كمامات وطن" وتميز اياد راضي على مستوى التفرد بالأداء، وحمل المسلسل على أكتاف أدائه الذي يحول العديد من القصص الحياتية إلى ألم نازف يتفاعل معه المشاهدون، وكذلك تميز آلاء حسين في "العشرين" واستذكار العديد من مشاهد الحزن العراقي، على الرغم من أن تلك الأعمال ما زالت تراوح بعملية اللعب على وتر المشاعر والعاطفة والبكائيات التي تستشعر الألم العراقي وليس الوعي العراقي. أي إنها لحظات توثيق الألم العراقي بتفاصيله كافة. وأيضاً هذا العام ربما من الأعوام القليلة التي لم نشاهد فيها حضوراً بارزاً لمشاهير التواصل الاجتماعي في الأعمال الدرامية وهي حالة وعي جيدة إلا ما ندر، بالتأكيد هي تجارب قليلة لا تشكل ظاهرة رغم حضور أمثال هؤلاء في برامج أخرى مثل "برامج المسابقات الرمضانية، وبرامج المقالب الرمضانية وغيرها". 

ولكن المشهد الدرامي العراقي بصورة عامة ينتقل هذا العام إلى مرحلة جيدة من التقدم والرؤية والانتشار عبر المشاهدات وبث تلك الحلقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ولكن في الوقت ذاته تبقى موضوعاتنا محلية وذات طابع محلي عراقي لا يمكن تسويقه إلى البلدان العربية الأخرى. نحتاج إلى شركات إنتاج ومؤلفين ومخرجين يقدمون لنا أعمالاً تمثل الهم الإنساني بصورة عامة ومن الممكن من خلالها الانتشار والتسويق عبر المنطقة العربية والإقليمية غاية في انتشار الممثل العراقي وتزايد التسويق الفني لتلك الأعمال. 

وبالتالي فمن الممكن أن يتحسن مستوى الدراما العراقية ويتحسن مستوى دخل الفنان العراقي الذي ما زال يئن ويصرخ من مسالة الأجور مقابل تلك الأعمال "300 دولار وأقل كمتوسط أجر على الحلقة الواحدة" وهو متدن جداً قياساً بما يمنح للفنان الخليجي أو المصري أو غيره في البلدان التي تعد الأعمال الفنية صناعة رائجة وتحقق الرفاهية للعاملين فيها، على عكس العراق فهو يقدم الأعمال بصورة متعجلة وبأقل كلفة إنتاجية، وبالنتيجة لا يمكن أن تمرر على متلق ومشاهد ذكي يشاهد يومياً الأعمال الفنية العالمية وتميزها على مستوى الإنتاج والأداء.