عندما يتحول الترفيه إلى إرهاب

ثقافة 2025/03/17
...

  حسن الكعبي 


برنامج" الكاميرا الخفية" هو من البرامج التي تهدف إلى صنع مواقف مسلية عبر مجموعة من مقالب تتعرض لها الشخصيات التي يستضيفها البرنامج، وعادة ما يكون الضيوف هم من الشخصيات الفنية أو الرياضية أو السياسية المشهورة، وهناك نوع من" الكاميرا الخفية "التي يكون ضيفها شخصية من عامة الشعب يتم اختيارها عشوائيًا إذا كان البرامج يقدم في الهواء مباشرة. وبرنامج "الكاميرا الخفية" من منتجات الفنون البصرية الغربية، بمعنى أن منشأه غربي، وقد اكتسب شعبيّة كبيرة هناك وأصبح من البرامج المطلوبة نظرًا لمحتواه الترفيهي المحبب الذي يقدم المقلب بصورة حضارية لا تخدش حياء المشاهد أو الضيف ولا تتسبب بأي ضرر مادي أو معنوي له. بمعنى أن البرنامج في الفضاء الغربي يصنع المقلب بصورة راقية وفي اطار ترفيهي لا يتجاوز حدود الأدب وطرائق التجريح على الصعيدين المادي والمعنوي، كما هو مقدم في البرامج العربية التي استنسخت التجربة الغربية بشكل مشوه وقدمتها على نحو سيء تضمن اشكالا من السادية والتجريح وإهانة الضيف الى الحدود التي يمكن فيها ادراج البرنامج ضمن "الإعمال الإرهابية ."

برنامج "الكاميرا الخفية "بنسخته العربية والذي يقدم على أكثر من قناة وبأشكال مختلفة في شهر رمضان الكريم على أساس أنه من البرامج الخفيفة المسلية التي ترفه عن المشاهد بعد عناء يوم شاق من العطش والجوع، لم تحقق وخصوصًا في السنوات الأخيرة هذا الهدف الترفيهي بل على العكس من ذلك فإن البرامج قدمت حالات من العنف والإرهاب الذي يستدعي من المشاهد الواعي استنكار ومقاطعة هذا النوع من البرامج التي تهين ضيوفها على هذا النحو من القسوة الحادة والتي قد تعرض حياته – اي حياة الضيف - إلى الخطر في بعض البرامج التي قدمت مؤخرا كالبرامج السيئة التي قدمها رامز جلال "رامز قرش البحر، ورامز قلب، ورامز واكل الجو، ورامز ايلون مصر الذي يقدم الآن على مجموعة قنوات أم بي سي "، حيث يتم تعريض حياة الضيف الى الخطر في أجواء من الرعب كما جرت العادة في سلسلة برامج رامز جلال السابقة  .

توجد برامج عربيَّة قدمت "الكاميرا" بشكل محبب وبمقبولية حضارية لم تتجاوز حدود الترفيه مثل كاميرا ابراهيم نصر ونشوى مصطفى وبرامج قليلة أخرى حافظت على المستوى المقبول في انتاج المقالب، لكن مع رامز جلال أخذت هذه البرامج منحى مغايرا لتقاليد الكاميرا الخفية في فضائها الغربي وفي الفضاء العربي المقلّد والناسخ لهذه التجربة، وبدأت تبث نسقًا عنفيًا وإرهابيًا يراهن على اهانة الضيف وتقزيمه بشكل مشين كما تجسد في برامج رامز جلال التي بالغت في بعض الحلقات الى استخدام عبارات مشينة تجرح بشخصية الضيف.

الاعتراض على هذه البرامج ومقاطعتها هو أمر طبيعي، بل هو واجب ينبغي على الجهات الرقابيّة أن تأخذه في اعتباراتها وتعمل بموجبه على التدخل في منع وعدم عرض هذه البرامج الخادشة والمحرضة على العنف كونها من البرامج التي تندرج ضمن الأعمال الإرهابية التي تستوجب معاقبة المعدين لها، حتى وإن كانت هذه البرامج كما يفترض البعض أنها معدة بموجب اتفاق مسبق بين الضيف ومنتجي البرامج. فعلى صحة هذا الفرض أو عدم صحته فإن هذه البرامج وفي سياق هذا الشكل الذي تقدم به، فإنها لا تعدو كونها برامج ارهابية لا تقل عن الارهاب الفعلي الذي تنتجه عناصر التطرّف الإرهابية.