مفطح سومري

الصفحة الاخيرة 2025/03/23
...

محمد غازي الأخرس 

مع كل شهر رمضان، يتجدد هوسي بثقافة الطبخ العراقي فأحاول تأصيل معلوماتي حوله، والعودة لما لديّ من مصادر حول هذا الموضوع الشيق. معلوم هنا أن تاريخ المطبخ في العراق يمتد إلى آلاف السنوات، لكن ما وصل إلينا من وثائق حوله قليل جداً. بحسب ما يذكر كاثي كوفمان في كتابه الرائع "الطبخ في الحضارات القديمة" الذي ترجمه سعيد الغانمي، فإنه على الرغم من أن بلاد الرافدين كانت خليطاً من مجموعات عرقية، فإن الأدلة المكتوبة تشير إلى اشتراك الشعوب المختلفة بالكثير من عادات الطعام. المقصود بالعادات ثقافة الطعام التي تشمل كل ما يتعلق به، طريقة الطبخ ولهجته المحلية، نمط الطعوم المفضلة، هندسة المطابخ في البيوت، صنع التنانير، أو الـ "تنورو" كما وردت في الأكدية. الحال أن الرافدينيين طوروا معدات الطبخ بما يسمح بصنع أصناف معقدة من الطعام. وقد وصلت من العصر السومري (35) وصفة منقوشة على ثلاثة ألواح طينيّة. وتشكل هذه الألواح جزءاً من المجموعة البابلية التي تحتفظ بها جامعة ييل حالياً، وكانت دونت في حدود  عام 1650 ق . م وتضم وصفات غذائية معروفة أغلبها ما زال يعمر موائدنا، فوفقاً للوصفات التي وصلت، كان العراقيون يحتفون ايما احتفاء بالخبز والعصائد، فهناك 300 صنف من الخبز موثقة كتابيا. 

إنهم يصفون البسكوت وثريد الخبز مع التمر والزبدة الحيوانية التي لا تزال تستخدم حتى اليوم واللبن الخاثر والجبن المخردل وما يطلقون عليه العصيدة العيلامية، كذلك يصفون المفطح ويسمونه الحمل أو الرضيع المحمص، وهناك البط المحمص، وحمام أمورسانو بالمرق، ناهيك عن اليخني وما يسمونها الكبة النية المصنوعة من البرغل، ثمة أيضاً السمك المشوي مع البصل المحموس (المحمص)، وحساء الباقلاء وهريس الباذنجان (بابا غنوج) وعرفوا ايضا سلطة الخيار والشوندر، وهناك المرسو، أي فطيرة التمر والفستق وكعك التمر، وللموضوع تتمة فانتظروا.