يحاول الروائي» هوشنيك أوسي» في روايته» وطأة اليقين « ترتيب اوراقه، اذ تبيح الحروب الانتهاكات الانسانية، فتمزق وتشرد وتدمر حيث تعصف الانفس وتمسك الذكريات بدفاتر اللحظة التي ينقشها الانسان في داخله فلا ينساها. ينقش الروائي «هوشنيك أوسي» اشد اللحظات واقساها على الانسان، وهو تحت وطأة اليقين ومحنة السؤال، وشهوة الخيال في رواية مهداة الى كل من ظلمها، بل الى قارىء هو اول من ينتظر القيامة من شدة هول الصراع النفسي الذي يحياه الراوي السوداوي، مثل كومبارس يُستكمل به المشهد بين النظام والمعارضة، ومعادلة انهكت الشعوب التي بدأت ثورة وما انهت الثورات في الأنفس الشحيحة بالمحبة والسلام. فهل التعلق بكاترين دز وينر هو تعلق الطفل بالخلاص او بالام التي تحتضن وترعى ؟ أو ان هوشنيك هزّ حقيبته الاخبارية بلغة شد متنها بالاحداث التي تمر على المنطقة العربية او على كل لاجىء ؟.
يخرج «هوشنيك أوسي» من بوتقة الاستبداد نحو قساوة التشاؤم الروائي او العالم المتخيل الذي يتنفس من خلاله الحرية المصطنعة او بالاحرى الحرية المعلقة بأضغاث النفس وهلوسات الامنيات، والفلسفات الوجودية والتساؤل المبني على قوة الوجع في الذاكرة والمعاناة وفقدان التصبر، بل والتذبذب في الخروج من اليأس المزروع في تفاصيل رواية هي حكاية الثورات العربية، والمعارضة القابعة تحت وطأة «ترتيب سورية بما ينسجم مع ارثها الحضاري وروح العصر» ووطأة التاريخ والشوائب الاخبارية المكللة بقساوة التاريخ وجبروته في تشكيل كل ثورة قامت منذ الهولوكست وصولا الى الثورات العربية، وما نتج عنها من تداعيات انهارت فيها القيم، الا أن اللغة التقريرية والخيوط الروائية تباعدت رغم اللغة الشاعرية وجمالية امتدادها في رواية ما منع عنها قساوة الحدث والتعتيم التصويري في شاعرية ما هي الا الخروج من الوجع والدخول الى دائرة الحزن، ومتاهة الحروب البشرية المرتبطة بالمذهب والانتماء، وتعزيز صورة انتهاك حقوق الانسان. فهل اسقاطات هوشنيك الروائية هي حقيقة الواقع الذي عاش فيه ولم يخرج من عذاب وطأته ؟.
حاول «هوشنيك اوسي « الخروج من قساوة الحروب بشن الحروب الروائية المعاكسة للخروج من فظائع الاحداث التي تعشش في النفس. مما طرح اشكالية الدقة الواقعية في التاريخ والحرب المزعجة للادب بحد ذاته. الا انه نادى الشعر الروائي، ليخفف من شدة السوداوية من دون ان يطمس لحظات من سيرته الذاتية، بل على العكس اظهر الوجع في السرد والتراكيب في الاسلوب الكتابي الذي يظهر اللحظات القوية والاحداث الخاضعة للقهر ولعذابات الانسان بشكل عام، ولذاك اختار أوسي نوعا ما رواية مؤرخة لعدة حروب بعضها في المركز الاول وبعضها الثاني والثالث، الا انها الحروب التي تنهك البشرية وتجعلها في نزف دائم « ان المرويات التاريخية عن الاحداث المهمة في حياة الأوطان والشعوب، يشوبها الكثير من التحوير والتسييس والتدليس، ولكن هنالك دوما اشخاص هامشيون في زوايا واماكن هامشية، شهود على حيثيات واحداث صغيرة من شأنها قلب الرواية التاريخية رأسا على عقب « فهل الرواية المؤرخة تتخذ من المراكز والاوليات امكنة عززها اوسي بلغة تقريرية صحفية؟ وهل تعتبر السجل التاريخي لرواية يحاول اوسي فهمها مع القارئ ليرتاح من سوداوية ادت الى تحويل الوعي وعكس حالة التشظي على القارئ
يتلمس أوسي تفاصيل الحروب غير المفهومة، وضمن لحظات معينة سعى الى ابرازها بفن استنبطه كوسيلة لوضع المصائر والاقدار في المجهول اثناء الحروب، وبسخط على التاريخ احيانا لفهم نتائج الحروب او الثورات او التعرض لحقوق الانسان، وليس فقط في الحروب ، بل وفي الكتابة بانواعها من الصحافة للتاريخ وصولا للرواية «يجب أن يكون هناك كتاب وروايات خيال سياسي، تعيد كتابة وهندسة الاحداث التاريخية منها او العسكرية او حتى الدينية، بما يخرجها من سياق الرواية التقليدية السائدة والمكررة « فهل يستخلص في روايته وطأة اليقين الخبرة الفعلية في كتابة الاحداث، وبلورتها ضمن سياق النظم الذي تعزز مفاهيم الضعف والقوة ؟. قراءة للوضع الاجتماعي والسياسي والتمييز المذهبي في رواية جمعت العديد من الاخبار والكثير من الافكار التي تراود القابع تحت السنة النار او تحت عصف الحاجة او بين براثن المعارضة والنظام معا، برغم انه يميل الى طرف من الاطراف، الا نه لم يتجرد في رؤيته من الذاتية. ليكون اكثر موضوعية في طرح روائي يعكس من خلاله ادبه الروائي المؤرخ لمرحلة عاشها على القارئ ووضعته في حيرة من حرب هي رواية خطها المجهول لمجهول بواقعية ذات مرارة هي فعلا وطأة
اليقين .