{قصر البراغيث}

ثقافة 2025/03/25
...

  ايليف عادل


  ترجمة: شيماء ميران


هي كاتبة روائية تركية شابة تبلغ من العمر (53) عاما ولها أعمال رائعة، و"قصر البراغيث" هي روايتها الرابعة، ولها رواية خامسة مكتوبة باللغة الانكليزية صدرت عام 2004. يعد نجاحها الادبي وكتاباتها الصحفية رمزاً لجيل جديد من الكُتّاب الذين يستخدمون الادب لإعادة تشكيل الهوية التركية، وعلاقتها بتاريخ البلاد.

وُلدت "أيليف شفق" في فرنسا وتلقت تعليمها في اسبانيا قبل عودتها الى تركيا وهي شابة. لذلك، فهي تحمل هوية تركية مزدوجة، ما مكّنها من إلقاء نظرة جديدة على تركيا الحديثة، والاحتفاء بالتناقضات التي خلّفها ماضيها للحاضر. تمتاز "شفق" بأنها متحررة من العديد من المعتقدات الادبية والسياسية الحداثية، التي تُعدّ جزءاً من إرث "كمال اتاتورك" الثقافي.

تتشابه رواية "حياة: دليل المستخدم" للكاتب الفرنسي "جورج بيريك"، مع رواية "قصر البراغيث" في كونها تنقل الروتين اليومي لسكان مبنى سكني. يُعد قصر "بونبون" أنموذجاً مصغراً لإسطنبول المعاصرة، فهي مدينة التناقضات والصراعات حيث تلتقي القارات والثقافات القديمة والجديدة والمسيحية الارثوذكسية والعلمانية والاسلام، الاغنياء والفقراء، الشرق والغرب، القديم وما بعد الحداثي جميعها تتعايش في مشهد حضري متعدد الاوجه.

في حي صاخب بالقرب من مقبرتين قديمتين إحداهما مسلمة والأخرى أرمنية، يُعدّ المبنى السكني المتداعي المليء بالحشرات موطناً لمجموعة من الشخصيات المتنوعة. بنى القصر "بافيل أنتيبوف"، وهو مهاجر روسي ارستقراطي مقيم في باريس، واهداه الى زوجته المضطربة "أغريبينا". ولم يفلح ذلك في التكفير عن المآسي التي عاناها "آل أنتيبوڤ" خلال إقامتهم القصيرة في إسطنبول في عشرينيات القرن الماضي واستعادة "أغريبينا" لرشدها. واصبح المبنى موطنا للعديد من المآسي اللاحقة، وللكوميديا ايضا فحس الفكاهة الأسود لدى "شفق" يضمن تناغم الاثنين.

يتميز النسيج المتباين لشخصيات الروايات، من "السيدة العمة"، العجوز غريبة الأطوار في الشقة المبنية على السطح إلى "موسى" حارس القبو عديم الكفاءة، بسحر يمزج بين الحياة اليومية ولمسة من الواقعية السحرية. تدور هذه الدوامة من القصص داخل حكاوي حول لغز مركزي يُطارد جميع السكان، وهو رائحة كريهة غامضة للقمامة، وما يصاحبها من آفات حشرية تُصيب المبنى.

كما يسكن القصر بعض الرجال الجذّابين، مثل مصففي الشعر التوأم اللذين يعد صالونهما ملتقى اجتماعياً، ومحاضر الفلسفة مدمن الخمر الذي يشتاق لطليقته. لكن شخصيات النساء في الرواية أكثر تعقيدا، فرغم قوتهن، لكنها تتبدد بطرق عقيمة.

تبذل "تيجن"، عاملة النظافة جهدا قاسيا لتطهير منزلها من جميع البكتيريا. أما "نادية"، العالمة الروسية، التي حفرت البطاطس ووضعت فيها المصابيح لتُبعد هوسها بخيانة زوجها التركي المكروه. وتقضي الشابة الجميلة "العشيقة الزرقاء" وقتها في انتظار تاجر زيت الزيتون الذي يُؤويها. أما "إثيل" فهي سيدة مجتمع مُتغطرسة تُعبّر عن جشعها للحب والحياة بالانغماس في نوبات سُكر. يكمن هوس النساء ورغبتهن المُحبطة في قلب التدهور الذي يُخيّم على المبنى، مع أن طيش الرجال هو ما يُؤدي إلى الخاتمة المأساوية.

عن صحيفة الاندبندنت