شهداء الجيش الأبيض

ثقافة 2025/03/25
...

  محمد إسماعيل


صدر عن نقابة أطباء العراق، كتاب "شهداء الجيش الأبيض.. أطباء قضوا نحبهم في مواجهة كورونا" تأليف نقيب الأطباء السابق د. جاسم العزاوي، في خمسمئة وثمان وسبعين صفحة من القطع الكبير، وثقت مرحلة وبائية خطيرة في تاريخ العالم، من خلال استعراض السيرة الطبية والظروف التي أدت لاستشهاد هؤلاء الأطباء وهم يقفون بصلابة على خطوط الصد.. مباشرة.. بمواجهة فايروس "كوفيد 19" الذي اشتهر.. عالميًّا.. باِسم كورونا، نسبة الى شكله الشبيه بالتاج corona في اللغة الإنكليزية.

ينطلق الكتاب من أيام كورونا في العراق، ليبين تداخلات الحظر العالمي للسير في مدن العالم كافة، والظروف المغلقة التي أحاطت بشهدائنا.. فنزف الحياة عقولاً طبية مهمة.. سكبتها في مغبة الموت.. موت مشرف.. مضيء.

وزّع د. العزاوي الكتاب بين أربع مقدمات، وفهرسه حسب الحروف هجائية لأسماء الشهداء.. تتابعاً.. من الألف الى الياء، مع رجاء ذيل به مقدمته، موجه الى ذوي الأطباء الذين استشهدوا في جائحة كورونا، طالباً تزويده.. شخصياً.. بأسماء وسير شهداء الجيش الأبيض، كما درجت عليه التسمية إبان الجائحة.

عرَّف الكتاب معنى كلمة "جائحة" وهي النازلة التي لا راد لها، والتحليل المختبري لفايروس كوفيد 19 علمياً، ثم تناول الأطباء الشهداء.. واحداً في سرد جمالي حزين لعطائهم قبل وأثناء الجائحة، معلناً أن "الجود بالنفس أسمى غاية الجود" حيث لم يدخر أطباء العراق والعالم جهداً في الذود عن شرف المهنة، بحيث لم يتخلوا عن المرضى، حتى تنهار قواهم، عاجزين عن المقاومة، بل يصبحون مصدر خطر بحكم سرعة انتقال المرض العجائبية. لم يغفل كتاب "شهداء الجيش الأبيض" التوثيق لما تيسر له من أطباء قضوا نحبهم يقاتلون في مواجهة جائحة كورونا، بجهد جبار، تواصل.. ميدانياً.. مع ذوي الشهداء.. واحداً واحداً.. في بغداد والمحافظات ودول الشتات في أصقاع العالم التي توزع العراقيون على ثراها، بدءاً من حصار التسعينيات "العقوبات الدولية" الى الآن. أما ما فرط ولم يتوصل العزاوي إليه، فقد أبقى الباب مفتوحة لجزء يسد الشاغر المستحيل، الذي عجز عن بلوغه؛ لأسباب شتى.. معظمها تكاسل الأهل عن التعاون.

الكتاب يعد مصدراً مهماً للباحثين وطلبة الدراسات العليا، في ميادين الطب والتاريخ وعلم الاجتماع والإناسة؛ لأنه يتحرك بمرونة على تلك الأنطقة بمعلومات وفيرة، تغني الباحث والدارس والأكاديمي ومتابع وقائع التاريخ، فضلاً عما فيه من تشويق أسلوبي جميل سردياً للمثقف 

الذواق.