كم تمنيت أن تكون الأمم بلسان واحد، وكم رغبت أن أعرف كلّ اللغات، وكم حلمت بلغة موحدة لا يعترضني فيها غموض وصوت لا يبوح بمكنونه. وحين وجدت ان الامر لا يمكن تحقيقه درست اللغة الانكليزية لتجعلني اقرب الى الاخر المختلف حتى لو لم اتمكن من احتواء كامل اسرارها لكنها جواز فاعل في ردم ثغرات انشأتها اللغات وجعلتنا في تيه وشتات.
تشير المصادر الى ان “اللغة الكُردية هي لغة إيرانية غربية تنتمي إلى اللغات الهند-أوروبية وهي ذات صلة باللغة السنسكريتية في الهند، وكذلك اللغات الجرمانية واللاتينية، شقيقة الفارسية والدرية والطاجيكية .. تضم عددا من اللهجات کغیرها من اللغات، وتم اعتمادها لغة رسمية فی العراق بجانب اللغة العربية منذ كتابة دستور العراق الجديد في حزيران/ يونيو 2004. ولها العديد من اللهجات أهمّها الکرمانجیة وهي اللهجة الشمالية والسورانية وهي اللهجة الوسطى والكرمانشاهية وهي اللهجة
الجنوبية.
اللغة الكردية التي تعيش عراقيا معنا وتنتج مؤلفاتها الخاصة بلغة يعيق تواجدها في مكتباتنا فعل الترجمة غير الفاعل تماما والقاصر عن جعلنا نتواصل ثقافيا مع مجمل ما يصدر عن الابداع الكردي في السرد والشعر والنقد والبحث والتحليل. وصلنا منها ما تمت ترجمته باحترافية جيدة فعرفنا اسماء مبدعة مميزة امثال:”شيركو بيكس” و “لطيف هلمت” و”عبدالله بيشو” و”أنور قادر محمد” و”فرهاد شاكلي” و”رفيق صبري”… وقبلهم سطعت اسماء “بيره ميرد” ودلدار ، و “زَوَر أحمد هردي” و “فائق بيكس” وتوفيق وهبي، محمد أمين زكي و “عبد الله كوران”.
والملاحظ ان اغلب هذه النتاجات هي شعرية وابتعدت القصة والرواية عن الصدارة لعقود متعددة وقد يعود السبب كما يشير “شيار سليمان” الباحث في الأدب الكردي “ بسبب ثقافة التقليد التي تواترت عبر القرون، فنكهة نتاج المبدع من نكهة ثقافته، وبما يمتاز به هذا الجنس الادبي من بلاغة وايقاع يؤثر بها في النفوس ويحرك الأحاسيس والمشاعر، لا سيما عندما يلحن الشعر لتصبح مفرداته أسلس وأكثر انسياباً الى أعماق المشاعر، لذلك عندما كان يراد توصيل الافكار والاحاسيس الى اكبر شريحة من الناس كانت تصاغ شعراً.
ثم تفرّد السياسي والكاتب “إبراهيم أحمد” بالكتابة الروائية واصدر باللهجة السورانية أول رواية له حملت اسم “زانا” وتم التعرف عليها بعد ان ترجمت الى لغات متعددة ولكنها لم تتكامل فنيا لاسباب متعددة. ولا ننسى دور الروائي “خسرو الجاف” الذي اصدر اكثر من خمس عشرة رواية وكلها تتحدث عن معاناة الانسان الكردي عبر شخصيات تروي حوادث تاريخية ومعاصرة. وكان للاديب المرحوم “محمد البدري” دور مهم في ترجمة العديد من المؤلفات الروائية والشعرية وهو ما اضاف للمكتبة الثقافية تواصلا مميزا مع الادب الكردي.
المكتبة المحلية بحاجة للاطلاع على النتاجات الشابة في مجال الشعر والقصة والرواية والمؤسسة الثقافية الكردية مؤكد بإمكانها تقديم الكثير للقارئ العربي محليا وعربيا.