" نحن اليوم في منتدى الاسكندرية الادبي نحتفي بشاعرة كان لكتاباتها الجريئة صدى واضح في سبر اغوار الكهوف المغلقة على رأي المرأة وحبس احاسيسها". هذه أولى عبارات الشاعر والناقد إبراهيم الجنابي في الجلسة التي ادارها بحضور عدد من الأدباء والمثقفين.
واضاف، ان التأثيرات الاجتماعية والعرفية في اضطهاد المرأة ابتداء من عمليات الوأد وانتهاء بما نحن عليه من ازمات وضياع لحق المرأة في الافصاح عن كل ما يخالجها من فكر أو رأي، فضلا عن الكشف عن تلك التحولات والأفكار، يحتاج الى جرأة حقيقية برفقة موسوعية فاعلة.
بدأت الشاعرة ابتهال بليبل حديثها عن تجربتها الشعرية، ثم قرأت نصوصا من مجموعتها، منها عارية الاكتاف، وفستان عروس الذي قرأت منه: (أعرفهم جميعاً/ وكأنّني كنتُ فستاناً لعروس في واجهة محل/ تتشبث بي نظرات حبيباتهم واحدة بعد الأخرى/ وحين تعبوا من نفض غبار العالم/ تركوا على الزجاج ملامحهم المتوهّجة/ وغابوا/ شيء ما حدث/ فعندما غابوا، تحرّكت– مانيكيت- المحل، وخرجتُ فارغة من الفستان/ عبرتُ خلفهم/ مجرّبة احتساب البيوت التي تكدّست ظلالهم داخلها/ حيث الاشياء التي لم تسعفها السنوات/ وحدائق خلفية ستظل للأبد مستعمرة من أولاد الجيران...).
مداخلات
وقال الروائي ابراهيم سبتي في مداخلته عن الشعر النسوي العراقي الذي قرأ عنه، كان عبر فليحة حسن وريم قس كبّة فقط، والآن استمع لابتهال بليبل شاعرة، وفوجئت حقيقة.
وأضاف، ان عنونة الكتاب مسألة مهمة في تسويقه ولكن أي تسويق، هل تسويق الكتاب خارج المتن، أم نسوّق الكتاب لغرض تجاري، ام عنوان جاذب فقط من دون النظر الى النص الداخلي؟
اعتقد إذا كان العنوان قداحي ومتوهّج وجاذب، فان الكتاب سينفد من الاسواق لأنّ المؤلف امرأة أولاً وعنوانه مميز ثانية.
أما الشاعر علي الاسكندري، فقال: تملك ابتهال بليبل مقومات الشاعرة الجميلة، جميلة ليست بمزاياها الانثوية، بل بمزاياها الكتابية.
وأضاف: قد قرأنا أنّ الانزياح هو لغة الشعر، وهنا وجدنا لدى بليبل انزياحات كثيرة، إذ لديها انزياح باللغة تارة وانزياح بالفكرة تارة اخرى. وأشار إلى أن عنوان "جسدها في الحمام"، وما فيه من إغراء، وهذا ليس عيباً، فقد كتبت لميعة عباس عمارة وشاعرات من قبلها وبعدها، أدب –أيروتيك- وهو فن جميل قائم بذاته، ومن يستنكر أو يبتعد عنه فهو لا يمتلك أية ثقافة أو معرفة.
وتحدث الشاعر ستار زكم عبر مداخلته قائلا: بعد 2003، ظهر جيل من الشاعرات – للأسف - يحمل الكم لا النوع، علماً أن قبل 2003، كان عدد الشاعرات قليلا جدا، ولكن كن يمتلكن الرؤيا والثقافة والشعر، مثل دينا ميخائيل وساجدة الموسوي ونجاة عبد الله وغيرهن، حتى أننا بعد 2003 لاحظنا أن معظم الشاعرات وقعن في فخ الرومانسية والكتابة عنها.
ولكن اليوم حتى أكون منصفاً، تبدو لي أن ابتهال بليبل قد خرجت من هذا الفخ، لأنّها تكتب دورة التعرّي التي تنطلق من السجن الأنثوي، وموضوعة التعرّي موجودة في كل العالم، ولكنها وضعتها على الورق لتتحدى السلطة أو المحددات المفروضة على
المجتمع.
ويبدو لي أنّ الشاعرة تريد أن تقول لنا إنّها (السلطة الذكورية القامعة)، وحقيقة لا توجد سلطة ذكورية قامعة في العراق وانما هي طبيعة المجتمع، بمعنى أن هناك نساء أيضا يتضامن مع هذه السلطة.
ويعتقد الشاعر عمران العبيدي أن الجرأة التي تمتعت بها بليبل من خلال نصوصها جرأة مهذبة استطاعت الحديث عن احتياجات المرأة وخلجاتها، والتي هي طبيعية في المجتمع، لكن ليس الجميع يستطيع ولوج وخصوصاً الشاعرات هذه المناطق، وكأنها محظورة عليهن وحكراً على
الرجال.
كما وقدم الدكتور نصير جابر دراسة مختصرة عن جسدها في الحمام، والعقل الجمعي الشرقي الذي يمتلك ردة فعل رخوة ومتشابهة إزاء هذه العبارة فهي عنده عبارة (ايروتيكية) ستجّره إلى عالم المرأة السريّ في الحمام. كما وقد اختتمت المداخلات بحديث القاص حمودي الكناني عن المرأة في
الكتابة.