مَنْ يدعم الإصلاحات الثقافية في البلاد

ثقافة 2019/07/23
...

استطلاع / صلاح حسن السيلاوي 
ينشغل أهل المشهد الثقافي العراقي كثيرا بالسعي لتحقيق اصلاحات ثقافية يمكنها ان تصب في خدمة المجتمع ، يسعى الكثير للنهوض بواقع الخدمات المقدمة للإبداع والمشتغلين فيه في البلاد ، لا سيما وأن البنى التحتية للثقافة ما زالت تشكو فقرا هائلا فلا دور نشر مهمة ولا مسارح تتوازى مع اهمية الثقل الابداعي والجغرافي والسكاني ولا مقرات خاصة بالمؤسسات الثقافية ، ناهيك عن غياب واضح في القوانين التي تخدم العمل الابداعي على اختلاف تنوعه.  هنا محاولة لمعرفة مقدار الحاجة للاصلاحات الثقافية مع نخبة متميزة من مثقفينا عبر 
هذا الاستطلاع . 
 
مسؤولية الدولة 
الشاعر ناهض الخياط  عدَّ الدولة المسؤولة الاولى عن النهوض بواقع الثقافة في البلاد كما هي عليه من المسؤولية تجاه الاقتصاد الوطني في حقوله المتنوعة ، وما يوازيه في أهميته من الأنشطة العلمية والثقافية والفنية التي تتباهى بها
 الدول المتقدمة .
مشيرا إلى ان المثقف العراقي يعمل لوحده على مواجهة ما يقف في طريق ابداعه من ظروف مدمرة وأن مؤسسات الدولة لم تزل غير مبالية بما يحدث ضد الحياة الثقافية في البلاد .
 
قوانين لرعاية الثقافة 
الروائي هيثم الشويلي رأى أن مثقفنا يعاني غياب الرعاية والاهتمام ، مطالبا الدولة أن تشرع قانوناً خاصاً يعنى بتقديم الدعم للمبدع ليكون هناك تنافس ثقافي يليق بمستوى الثقافة العراقية، لافتا إلى ضرورة ان تشمل الاصلاحات الثقافية في البلاد الاهتمام بصناعة الكتاب فتنشئ دورا كبرى للنشر، لا سيما وأن الكتاب العراقيين على اختلاف مشاربهم الثقافية يحصدون الجوائز العربية والعالمية بصنوف الأدب كافة، وأبدى الشويلي أسفه لأنه لا يجد دور نشر ولامسارح أو مؤسسات تأخذ بيد الأديب لتروج له أو تصنع منه نجماً لامعاً ولا من سعي حقيقي لإيصال صوت المبدع العراقي الى سماء الأدب العربي والعالمي، فلا أصلاح إلا بتشريع قانون ينصُ على الرعاية التامة للأديب والاهتمام بجوانب الثقافة كافة.على حد قوله   
اصلاحات لطرد الظلام  
الشاعر عقيل ابو غريب يرى ان المثقف العراقي الذي ما زال يعاني من آثار امواج المشكلات التي غمرت حياته الماضية حاله حال أبناء المجتمع لا يمكنه ان يرتفع كثيرا بمستوى حلمه فيما يتعلق بمطالبته بإصلاحات ثقافية مهمة وذلك لأن الواقع الامني والسياسي والاقتصادي في العراق والمنطقة العربية ومحيطها لا ينبئ بمتغيرات جذرية يمكنها ان تحدث تطورا واضحا في معالم الحياة الثقافية في البلاد ، ولفت ابو غريب إلى اهمية ان ترتقي النخب السياسية الى حاجة البلاد لصناعة تغيير ملحوظ في الخطاب الثقافي الاجتماعي وهذا حسب - ابي غريب - لا يمكن ان يجري مع انتفاء الثقة بين السياسي والمثقف ، ذلك الانتفاء المتوارث من العقود الماضية ، مؤكدا على ان فسحة الامل التي احدثتها بعض الاصلاحات  ليست العصا السحرية على الرغم من كونها بادرة خير ومفتاح أمل ، مشيرا إلى انه يرى ان الاصلاحات الثقافية هي المفتاح الاهم لصناعة تغيير اجتماعي مؤثر في مستقبل العراق انطلاقا من الحرية التي يوفرها النظام الديمقراطي والفكرة التي بدأت تترسخ في العراق عن التداول السلمي للسلطة، لافتا الى ان الثقافة وانتشارها على اسس رصينة من العمل المؤسساتي يمكن ان تصنع واقعا جديدا ومهما نطرد عن طريقها الافكار الظلامية التي استشرت في الحياة العراقية ،
 كافكار التطرف الداعشي وما شابه ذلك مؤكدا على الضرورة القصوى للعمل الثقافي المنظم المحتوي على اصلاحات جذرية تؤمن بها وتعمل عليها مؤسسات الدولة .
 
دعم دور النشر
الشاعر ماجد الخياط  رأى أن أهم الإصلاحات هي أن تشرع الدولة أولا بدعم دور النشر من مخصصات وزارة الثقافة،  وأن تبدأ بخطة تسويق النتاجات الادبية الرصينة التي تحصل على جوائز عربية لتصل الى يد الشباب الجامعي او الاكاديمي بشكل مجاني كخطوة اولى لعودة القراءة وتسويق الكتاب، ومن ثم الثقافة من جديد وان تعيد فتح دور سينما في كل المحافظات او تشجيع القطاع الخاص على فتحها والمسارح ايضا وبدعم من الدولة، على ان يكون الدخول مدعوما لتلك الدور والمسارح ، كما اقترح الخياط أن يتم  تشريع قانون يحدد جوائز عالمية وعربية مرموقة ومن ثم يمنح المثقف والمبدع العراقي الذي يحصل عليها راتبا تقاعديا لابداعه ولرفعه اسم البلد في المحافل الدولية 
والعربية . 
فيما وجد الشاعر خيري عباس أن واحدا من اهم الاصلاحات الثقافية أن تغير الدولة فهمها للثقافة ودورها في تغيير الواقع من التردي الذي هو فيه الان الى ما يمكن ان يخدم المجتمع بشكل عام،  مؤكدا على ضرورة ان تهتم الدولة بالبنى التحتية للثقافة ورفع مستوى التخصيصات المالية لكل الجهات العاملة على صناعة وتطوير الابداع في البلاد .
 
شيء ثانوي 
أما الشاعر عماد الحيدري فقد أكد على عجز الدولة عن تقديم ما تحتاجه الثقافة مشيرا إلى أن واحدة من مشكلات الدولة انها لا تنظر للمثقفين بوصفهم بناة  للمستقبل،  ولهذا يعد الحيدري الثقافة العراقية غير قادرة على التأثير في المجتمع وغير ملبية لجزء مهم من متطلباته الروحية  وما وقوفها أو سيرها الوئيد إلا بوجود المثقفين أنفسهم لا بوجود الدولة الراعية ،على حد وصفه.
مشيرا إلى ان المثقفين بحاجة إلى بناء ثقافة رصينة يمكن لها أن تقاوم التوجهات الفكرية المتطرفة، كما أنهم بحاجة الى رعاية حقيقية تتمثل في تلبية احتياجاتهم الفكرية والثقافية.
لافتا إلى أن المتأمل بعين ثاقبة الى الوضع العام للبلاد يجد أن الاصلاحات الثقافية بعيدة المنال لأن الدولة بتركيبتها الحالية تنظر الى الثقافة بوصفها شيئا ثانويا وليست من ضروريات الحياة.