ساطع راجي
في احدى المعارك فقدت قلبي، وقتها قال الاطباء انني حالة نادرة، قالوا في لحظة شطط او ساعة مكاشفة او تيه، انني قادر على العيش بقلب حيوان لفترة ما، وقتها توفر قلب قرد صغير، سعدان، من ذلك النوع الذي يستخدمه المهرجون، عشت معه او عليه اربع سنوات من الفرح، مر الوقت وكأنه لا شيء، كنت اقفز واضحك باستمرار، قلدت جميع تفاهات البشر وضحكت كثيرا لأن الاخرين كانوا يضحكون رغم انني لا اعرف سبب ضحكهم، لكن الاوقات الحلوة تمر سريعا لذلك استهلكت قلب القرد السعدان دون ان انتبه، ليتني استخدمت الوقت بشكل أفضل.
القلب الثاني الذي كان متاحا هو قلب طاووس، ضحكت كثيرا من الفكرة، وقتها كنت اعيش بقلب السعدان ولذلك لم اتمكن من اعلان موقفي بغير الضحك، قلب طاووس!، تخيلوا ؟ هذا لا يكفي لشيء، مع ذلك اضطررت لاستخدامه بعض الوقت، والمشكلة انني احببت ذلك، كنت ارى نفسي عظيما وكل ما عداي تافها، اوقات سعيدة كانت تلك حتى انني تمنيت البقاء بقلب طاووس، لو كان الامر بيدي لذبحت كل طاووس يمكن ان تصل له يدي لأعيش على قلبه سعيدا بنفسي، متباهيا بالبريق الذي احمله رغم انني كنت بلا ريش ملون ولا ريش باهت بارد، كنت عاريا مثل كل انسان ومع ذلك كانت مرحلة الطاووس افضل بكثير من مرحلة الاسد التي عشتها لاحقا.
كان هناك أسد عجوز على وشك ان يفارق الحياة، عامل فاسد في حديقة الحيوانات قال لرئيسه الفاسد ان أسدا غبيا يحتضر في احد الاقفاص الضيقة، الرئيس الفاسد اخبر زميله الطبيب الفاسد في المستشفى المشبوه الذي اتعامل معه ان اسدا متعبا يعاني سكرات الموت مثلي ويمكن استخدام قلب الاسد، بعد بضعة مكالمات والكثير من المال والتوسلات حصلت على قلب الاسد المتعب، ولفترة عامين لاحقا كنت اتحسر على ايام الافتراس، تخيلت انني اركض وراء غزلان وارانب وعجول برية وانتظر طيورا حمقاء تهبط قريبا مني، لكنه خيال يورث المرض لا غير، بصراحة كانت محنتي كبيرة مع قلب الاسد رغم انه كان مجرد اسد مسن، كنت غير جدير بذلك القلب الشهم والجسور رغم تقدمه بالسن لذلك شعرت بالراحة عندما ابلغني الاطباء ان القلب المتوفر بعد تلف قلب الاسد انما هو قلب خنزير.
كان الخبر صادما للجميع، وتعرضت لمقاطعة شاملة، قالوا كلهم انني اصبحت نجسا وانهم غير قادرين على التعامل معي، حتى امي قاطعتني وقالت انها تقبل كل قلب الا قلب الخنزير او الكلب يومها لم يكن متوفرا الا قلب الخنزير، كنت سأقبل بقلب نملة من اجل أمي، وبقلب ببغاء من اجل أبي، كنت سأقبل بقلب حمار ليبقى الجميع سعداء، لكن لم يتوفر غير قلب الخنزير، الاطباء سألوا فقهاء الدين وهؤلاء قالوا بحرمة اجراء العملية فأخذت قلب الخنزير الى بلد آخر في رحلة سياحية مشبوهة لاجراء العملية، تم كل شيء بنجاح لكنني كنت حزينا، فقد بقيت وحيدا نجسا، رغم ان لحم القرد والاسد محرمين ايضا ولا اعرف الموقف من لحم الطاووس، لكن الجميع كانوا معادين للخنزير، كنت سأقبل العيش بقلب حمار، وهو الاخر لحمه مرفوض، حسنا كنت سأقبل العيش بقلب حمل لكن سكان هذه البلاد لا يتركون قلوب الحملان صالحة للاستخدام فهم يلتهمونها بسرعة مجنونة، كان العيش بقلب نجس صعبا لولا ان هذا القلب يسارع الى النوم بسهولة ويتقن اللامبالاة، ولذلك نسيت كل الاحزان حتى استيقظت من غفلتي يوما على تنبيه طبي يقول ان الخنزير يقترب من الموت وان القلب المتاح مستقبلا سيكون لزرافة، وقتها انزعجت، الزرافة نادرا ما تنام عكس الخنزير، ولان لها رقبة طويلة فهي سترى المستقبل قبل الجميع، هكذا ظننت، وانا اكره معرفة المستقبل، هذه معرفة محزنة والعيش منبوذا بقلب خنزير اهون منها ومنذ ذلك الوقت بدأت أفكر بالموت ولو بقلب خنزير.