الأسطورة في الشعر العربي الحديث

ثقافة 2019/07/28
...

بغداد/ مآب عامر 
 
 
اقامت دار الشؤون الثقافية العامة- وزارة الثقافة والسياحة والآثار حفل توقيع كتاب "الاطراس الاسطورية في الشعر العربي الحديث" للباحث والناقد ورئيس اتحاد الأدباء ناجح المعموري في قاعة مصطفى جمال الدين بمبنى الدار، بحضور مجموعة من الشخصيات السياسية والأدبية والثقافية المرموقة.
وقد افتتح مدير دار الشؤون الاستاذ حميد فرج حمادي جلسة التوقيع التي أدارها الإعلامي طالب كريم، بكلمة رحب فيها بالحضور، متحدثاً عن الدور الذي تسعى دار الشؤون الثقافية في تجسيده وتحقيقه لخدمة الثقافة العراقية، مذكراً بالتحديات والمصاعب التي تواجه مسيرة عمل الدار، فضلا عن رغبتها بمشاركة الكتاب والادباء في رفد مجلاتها ومطبوعتها بالمواضيع والمقالات والدراسات. 
 
اوراق نقدية
وتحدثت الورقة النقدية التي قدمها الدكتور جاسم حسين الخالدي أستاذ النقد الحديث في كلية التربية جامعة واسط، عن التوجه نحو الأسطورة وأنه قد أصبح جزءا من عملية التجديد في الشعر العربي الحديث، وقدم انموذجا على ذلك مجموعة بدر شاكر السياب "انشودة المطر" ، كما وطرح الخالدي مميزات الأسطورة ومنها الالهة التي عدها الميزة الأكثر وضوحا بالنصوص الأسطورية، اما الميزة الاخرى كانت بارتباط هذه الأسطورة بالكهنة أي لا يرويها سواهم على خلاف الحكايات الشعبية، إذ تكون مرتبطة بطقوس دينية ومن الممكن التمثيل عنها بأساطير الخلق والتكوين، أي أن الأسطورة تعنى بسرد حادثة خلق جديدة، ويتم توظيف هذه الاحداث على قسمين: تفسير أول الوجود ووجود الكون، والاخر تفسير بداية خلق الكون.
وأشار الخالدي إلى ارتباط اسم ناجح المعموري بالأساطير أكثر من غيره، وبين أن هذا الاقتراب منحه فرص البحث في ادق التفاصيل، إذ يتعامل المعموري – برأي الخالدي- مع شخوص الأسطورة وكأنها حقيقية وموجودة في الواقع، ويقول " صار الحديث عنه بوصفه صاحب خطاب نقدي وبحثي يواكب الاكتشافات الاثرية وبهذا يكون الحديث عن المعموري كالحديث عن الأسطورة ". 
أما الناقد الدكتور احمد الزبيدي فقد كانت مشاركته النقدية تتحدث حول أسلوب المعموري في كتابه"الأطراس الأسطورية" بوصفه اول كتاب تناول الأسطورة في الشعر ضمن الدراسات الثقافية ذات المرجعيات الفلسفية، ورغم تناول النقاد السابق للأسطورة ولكن، كان في المناطق الجمالية، إذ اعتمدوا على المنهج الفني والبلاغي في توظيف الشاعر للأسطورة فقط، ويربط أسباب هذه الحالة بكمية المعلومات والاطلاع الواسع للباحث، وهذا تحد لقدرة الباحث في تقديم نقد حقيقي عن نص شعري، لأن الافتقار للمعلومات الوافية يحدده اكتشاف التوظيفات الأسطورية في النص.
كما وأشار الزبيدي الى أبحاث كراوس ووصفها بالمرجعية الدنيوية للأسطورة في الشعر العربي الحديث، حيث توصل الأخير الى التراكيب اللغوية والاسطورية التي تتشابه تشابها غريباً كونهما يسيران في نمط من العلاقات المتشابكة، ويقول" الشعر هو السياج الذي يحافظ على وجود الأسطورة في الحضارات وبذلك يحفظ الطقوس الدينية" وبحسب الزبيدي أن المعموري يرى الشعر والأسطورة لهما منطقة مشتركة هي الانزياح أو المجاز الذي ينفتح على تأويلات لا نهائية، وهذا ما يجعل اللغة تقترب من الأسطورة من نافذة الاستعارة.
وتضمنت الجلسة أيضا مشاركة للشاعر والناقد شكر حاجم الصالحي، تحدث فيها عن بداية معرفته الشخصية بالمعموري حينما كان قاصاَ وروائياً، كما ويدعم تحول الأخير إلى كتابة الدارسات الجادة ويقول: لقد أدار المعموري بوصلة اهتماماته وقراءاته إلى جذور الاساطير، وكان دوره في هذا البحث ما يزيد عن ثلاثين كتاب، وهو ما زال خارج سرب الحياة الثقافية يؤلف الدراسات المعنية بهذا الشأن، ولم يكتف بما حققه من حضور ثقافي متمرد بل اتسعت مديات اشتغالاته لكتب ودراسات عن الشعر والفوتوغراف والفن
 التشكيلي. 
وقبل ختام الجلسة تحدث الباحث ناجح المعموري عن اشتغلات الأسطورة وعن كتابه، قائلا في بعض منها، " بعد نشوء الحرب العالمية الثانية وما افضت له التجربة الثقافية العالمية والشعرية - آنذاك- وكيف حصلت مغادرة للتجربية الرومانسية بسبب ما حصل من دمار وفراغ شامل، استدعى البحث عن ما هو مختلف في المشهد الذي عاشته شعوب الأرض، ومن هنا بدأت مرحلة العودة إلى الماضي والبحث عن ما يناسب الشعرية في الدمار والخراب بعصور الاغريق والرومان وبعض الاساطير التي عرفتها تلك البلدان، وهذه التجربة التي عرفت في أوروبا سرعان ما انفتحت عليها البلدان
 العربية".