نَمْ قَرير العين واطمئنْ، سيّدي

ثقافة 2019/08/31
...

كركوك/ ابراهيم قوريالي 
كن على ثقة سيدي فَجُل زملائك ورفاقك وأصدقائك أوفياء وسيسيرون حتماً وفق نهجك الهادئ الذي احدث نقلة نوعية في جميع ميادين اتحادك البهي (اتحاد ادباء العراق) وكافة فروعه في المحافظات من الشؤون الإدارية والفنية والثقافية والأدبية والاجتماعية وغيرها، وتأكد ايضاً سيّدي بإنَّ جهودك المضنية وسهرك الليالي ومشاورك التي لَمْ تكنْ تنتهي من بغداد الى البصرة وكركوك واربيل والسليمانية والناصرية وغيرها لنْ تذهب سدى بعد انْ أتممتَ كل شي في بيتك الثاني وبجدية غير مسبوقة النظير لها ووضعت هيكلية كاملة متينة من خيرة رجالات الثقافة والفكر فوق قاعدة صلبة (وكأنَّك احسستَ برحيلك المفاجئ والأبدي) تتحرك عليها بكل انسيابية رائعة نشاطات الاتحاد ليقدّم خدماته الجليلة لأعضائه الذين أشعلوا منصّات التواصل الاجتماعية بكلمات حزن تبكي الحجر والشجر ولم يكتبوها عند رحيل آبائهم، نعم سيدي نم قرير العين بعد انْ اديتَ واجباً بل اكثر منه اضعافاً مضاعفةً تجاه كل عضوٍ مهما كانت درجة ابداعاته عندما اصررتَ وعاندْتَ وجاهدْتَ وناضلتَ على انْ يكون وزير الثقافة من أهل بيت الاتحاد حصراً ونجحْتَ في ذلك أيما نجاح وأنقذت الثقافة العراقية وأدبها الجلي من المحاصصة المقيتة التي كتمتْ أنفاسها لفترة من الزمن ونعلم جيداً كمْ تعرضتَ لمضايقات شديدة قابَلتها برحابة صبر وتحملت تفاهات تفتك بأي انسان آخر من أجل ضمانة وتأمين منحة الادباء وفعلتها ونلتَ دعاء الفقراء من أعضائك المساكين، نمْ قرير العين سيّدي ستتحول روحك الطاهرة الى صدور زملائك في اتحادك الكبير وسترشدهم الى الطريق الصحيح الّذي سيقدمون من خلاله خدمات منقطعة النظير لإخوانك الذين كنت تناديهم من كل قلبك وبلسانك العذب وبإيقاع ذي نغمة أبوية (سيدي، أستاذي، حبيبي، إبعيني إبعيني، تدلل، صار، تأمر أمر، خادم، ميصير خاطرك إلّا الطيب)، تقطعني تلك الكلمات عندما أتذكّرها.
نعم سيّدي اتحادك سيبقى في قزحية وقرنية أعين اصدقائك وسيهتمون به أكثر وأكثر ويدللّونه مثل (الماي بالصينية) وسيجعلون اسمك يتردد بحروف السلّم الموسيقي وبلحن (مونومور) في سماء كل المحافل الثقافية والأدبية والاجتماعية وسيطلقونه على الدورات الانتخابية والمهرجانات والمؤتمرات الادبية والفكرية والثقافية.
نمْ قرير العين ايها الطيّب، زملاؤك اوفياء ومخلصون وعنيدون وشجعان مثلك تماماً في الدفاع عن عرينك وعرين الكبير الجواهري وستزهو قاعته مثلما كان وستنمو الزهور في باحته الأمامية وتنطلق نافورته الى الأعالى مرة اخرى وسيقطع صوت الشعر سماء الحزن والسواد ولاتظن انهم سيخذلونك ولو بنصف خطوة بل سيجعلون من كلمة الخيّاط نبراساً يسيرون وفق حزمته الضوئيّة بإتجاه القمر وسيحرسون جمهوريتك بكل صلابة وقوة لتُثمر شجرة البرتقال الكبيرة وظلها سيكون كظل شجرة الطوبى يحمي ما بنيته خلال ١٥ عاماً، نمْ قرير العين ابا حيدر ونجلك الأسمر سيكون في قلوب وأعين زملائك وستبقى طلّته البهيّة تسرّهم جميعاً وتذكّرهم بقميصك الأصفر الذي كان يليق بك من بين كلّ الألوان، نعم انَّ الكادحينَ والفلاحين والفقراء فقدوا منْ كان يكتب مأساتهم وشجونهم وشؤونهم وأحزانهم وأفراحهم المتواضعة بكل صدق، كنْ على ثقة فزملاؤك سيقومون بهذا الواجب بالتأكيد بل ربما أكثر منه ردّاً لجزء من الدين الذي يثقل أعناقهم فهم خريجو مدارس وثانويات الخيّاط الثقافية والأدبية بكامل أخلاقياتهم وتواضعهم وتراحمهم وتعاطفهم وتوادهم فهم جديرون بإدارة دفة التوافق والاختلاف فيما بينهم الى بر الامان كما فعلتَ ذلك بحسن نيّتك وطيبتك وصبرك وتحملك وشجاعتك.
نم قرير العين سيدي، بغداد سترفع اسمك الى الأعالي كما فعلت انت، بغداد ستذكرك مدى الدهر كما فعلت انت وحافظتَ عليها من عاتيات الدهر والضياع في متاهة الجهل والتخلّف فهي حاضرة وجميلة وستبقى كذلك مثلما رغبت وستبقى ساحة الأندلس تتنفّس بعبق رائحة البرتقال وتشاطرنا الحزن برحيلك المفاجئ، نمْ قرير العين أيّها الكبير في كلّ شيء، أتتذكّر عندما قلت لمدينتي كركوك (مدينة النور والنار) ورجحت النور على النار تيمّناً بأنوار جماعتها الاولى وآخرهم فاروق مصطفى الذي رأيته يبكي ويحرّك رأسه يمنة ويسرى ويقول في قرارة نفسه (راح الذي كان يعرفني).
سيدي، آه لو عرفت مدى الحزن في قلوب (رياض وابتهال واحمد خلف والسراي ومروان وناجح وفوزي والجاف وعبدالامير الحمداني والجزائري وعبدالسادة والحجاج ورجاء وكاتب المقال وغيرهم) لقلتَ في قرارة نفسك الآمنة المطمئنة ما أروعكم زملائي! أحبكم جميعاً.
نمْ قرير العين سيّدي في جنات الخلد ان شاء الله لان الله اذا أحبَّ شخصاً وضع حبه في قلوب الآخرين فانتَ الان في ضيافة ملائكة الرحمن ينقلون لك بكل صدق كَرَبَ وحزن العراق كله على رحيلك وهاهم رجالات الدولة والسياسة والأدب يبكون عليك بكاءً حقيقياً، واطمئن مرة اخرى سيُنبت اتحادك حتماً الف إبراهيم وإبراهيم بفضل كرمكم الأدبي الذي ناله الجميع، اتتذكرْ سيدي عندما قلتَ لمحاورك (ان الموتَ حتمي لكن الخلود هو الأهم، والخالد في ضمائر الناس هو الذي يكتب وينقل هموم العامة وهموم الطبقات المسحوقة) نعم ينطبق مقولتكم على شخصكم تماماً وحدسكم وهاجسكم كانا في محلهما تماما فانتَ خالد مثل اقرانك المتنبي والجواهري والسياب وغيرهم ولن تنساك الأجيال القادمة والقادمة من بعدها ولنْ تنسى أدبكم الرائع وكلماتكم الذهبيّة التي كانت تنعش آمال المعدمين والمحتاجين ونطمئنهم بأنّ الدنيا مازالت بخير، سلامٌ لروحك الطيّبة الطاهرة.