محمد خضير سلطان

ثقافة 2019/09/01
...


ناجح المعموري
 
الشبح النصفي كائن غير مكتمل او واضح كلياً . ويمكن التعرف عليه اذا نظرنا اليه جانبياً. واقتطاع الجزء منه يشوش صورة الشبح الذي تبدو مفردته مشوشة ومرتبكة، رجراجة وزئبقية .
البؤرة السردية المهيمنة في الرواية مرويات عن سلالة آل فالح التي ورثت ما تركه الاب الاكبر. 
ولم تجر على ما ورثته عقارباً. وكلما اتسعت العائلة بشجرتها المتناسلة ، يزداد عدد الوارثين. المهيمن عليهم من قبل زيدان، الاخ الاكبر، ووريث الاب 
ومثله. كلهم يحلمون بالإرث الممنوح رسمياً، لكن سلطة، او خطاب العشيرة يمنح التصريح بذلك .
توظيف ممتاز للميتا ــ سرد في الرواية وتتسع مساحة، التخيل جداً عندما يوظف القاص نصب الحرية ويتداخل مع حاضر معروف وعبر شخصية فنية معاصرة، يضيء بأن القاص لم يلتزم بالزمان الممتد بعيداً في التاريخ، مئات من السنين  تداخلاً كثيراً وانسجاماً بآلية سردية شفافة، ذات رموز عديدة وشعرية طافحة، تداخل الاجتماعي، السياسي، الثقافي وما له علاقة خاصة 
بالعائلة .
يوميات الاب الاكبر بدفاترها السبعة صاغت ميتا سرداً مع نصب الحرية وكان لهما تأثير عميق في تطورات السرد بلغته الشفافة المنفتحة على عصور من التاريخ القديم من خلال رموزه الممتدة التي ورثها الحاضر في كل آن ، لأنه ــ الحاضر ــ موجود وسيرورته تجعله هكذا 
متحركاً. 
وتمتع نصب الحرية بمركز جوهري، وتنوع دلالي . كذلك تمكن محمد خضير من الاشتغال على كتاب الاستاذ عبد الفتاح ابراهيم مكملاً لسرديات الرواية وهو المتميز في توظيفات للميتا ــ سرد.
استطاع  القاص محمد خضير سلطان من ادراك  امكانات التاريخ في انتاج اساطيره ، لأنه يحتاجها ويستعين بها للحفاظ على طاقة السرديات الممتدة عميقاً وبعيداً في التاريخ والمتمركزة في الحاضر الذي حاز تلاوين 
عديدة.
وذهب محمد خضير سلطان الى الحكي والمروي الخيالي ويطفر منه للمتخيل والايهامي واسقاط كل ما يلتقطه من ذاكرة الورثة او عن الذين غابوا ، بحيث تحول التخيّل وطناً مثلما قال في احد سردياته، بأن جواد سليم اقام وطنه المتخيل امام الشمس. 
وقبل هذه الملاحظة ، اهتم القاص بذكاء وتعامل مع الارث بوصفه جميعاً ، ووطناً ، يتشارك فيه الورثة . وتبدّت براعة القاص بتوزيعاته الشعرية الكثيرة المركزة جداً. 
والمتوترة بطاقة اللغة، لكنه تجاهل التحقق النمطي التقليدي في البناء السردي وحازت روايته صفة الجدة تماماً وغير المألوفية في السرد العراقي، انها عمل متشعب بشبكة من الرموز ومتنوع بالمكشوفات التي تركها الاب ، رأس سلالة شجرة آل فالح. 
والرواية تستجيب للتلقي وتمنحه كثيراً من الفرص من اجل التوقف امام التمثيلات السردية في الرواية مع وقائع واحداث عرفناها قديماً قبل مئات السنين 
والان. 
ووسط كل هذا الانشغال بميراث الغائب ، يظل الزعيم او الناصر هو المنتظر الذي تحلم به سلالة آل فالح. انها تجربة جيدة جداً.