حسين الصدر
- 1 -
الفتى النبيه هو قرة عين والدِيَهِ ، وهو أملُ المجتمع ايضا،ذلك انّ الامة انما تعظم ويعلو شأنها اذا كانت تحتضن أبناءها ، وتوفر لهم المناخات الملائمة للرقيّ والتقدم ..
- 2 -
ومن المفيد جداً ان يتم تداول بعض القصص المثيرة التي تُحرّك الفتيان نحو الإبداع والابتكار حتى في ألفاظهم ومصطلحاتهم...
- 3 -
ان التربية بالقصة هي احدى الوسائل التربوية المهمة، تماماً كما هو دور “الموعظة” في البناء السليم .
- 4 -
ولقد قراتُ قصةً مثيرة، فيها للناشئة فوائد جمّة، فأحببتُ أن أوردها هنا مع التأكيد على أهمية العناية بالفتيان من قَبل الوالديْن ، ومن قِبلِ المعلمين، ومن قبل المجتمع بكل شرائحه وطبقاته، لان ذلك يفضي الى خير الجميع
تقول القصة :
ان احد الملوك اصطحب وزيره وتوجّها الى احد المواقع العسكرية وفي الطريق رأى الملك صبيا
فقال له :
ما اسمك ؟
قال : فتّاح
فاستبشر الملك وسُرَّ بذلك
فواصل السؤال قائلا :
الى أين تذهب ؟
فقال : الى المعلّم
فقال الملك ما تقرأ ؟
قال : سورة الفتح :
“ انا فتحنا لك فتحا مُبينا “
فازداد الملك اعجابا بالصبي وقال لوزيره :
“ مرّ بنا على المعلم لنكرم الطفل “
وحين وصلا الى المعلم وطلب منه أن ينادي عليه ، ناداه :
يا عباس ياعباس
وحين حضر الصبي قال له الملك ؟
ما اسمك ؟
قال : عباس
قال : ماذا تقرأ
قال (عبس وتولّى )
فقال الملك :
لقد سألتُكَ أنفاً فقلت لي :
انّ اسمك (فتاح)، وانت تقرأ في سورة الفتح فقال الصبي :
انك حين سألتني انتبهتُ الى ما تريد ، لان مثلك لا يتكلم مع مثلي الاّ لأمر معقول ..!!
فلم أحب ان تتشاءم باسمي
فقال الملك :
احسنت يا بنيّ ،
خذ هذا الدينار ،
فامتنع الصبي عن أخذه ..!!
فقال الملك :
ولماذا تمتنع عن قبول عطاء الملك ؟
فقال الصبي :
إنْ أخذتُ الدينار منك ،فانّ أبي سيسألني عن مصدره ، فان قلت :
من الملك لم يصدقْنِي ويقول لي :
انك سرقتَهُ
لانّ الملوك لا يعطون القليل ..!!
وهكذا أشعر الصبيُّ الملكَ بانَّ عطيتَهُ ضئيلة
فقال الملك :
خذ هذه المائة دينار
راجع (حجر وطين) –بتصرف- ج1 ص 5-6
والمهم هنا :
انّ الصبي أدرك بفطرته وفطنَتِهِ ،
أنّ البلاغة مطابقة مقتضى الحال ، فغيّر اسمه من (عباس) الى (فتّاح)، وزعم انه يقرأ سورة (الفتح)، ليملأ قلب (الملك) سروراً وأملاً بالفتح والنصر .
ثم انه ومن خلال ما سرده على الملك ،من احتمال مساءلتِهِ من قبل أبيه عن الدينار الذي وصله
من الملك .ورفض أبيه التصديق بذلك لقلة المبلغ، نبّهه على لزوم تدارك الموقف وتقديم المكافأة
المناسبة .كل ذلك أداره الصبي بِفَنّ واقتدار، ودون خروج على اللياقات المطلوبة، فنال اعجاب الملك .
- 5 -
يذكرني هذا الصبي الذكيّ بصبي ذكي آخر ، قال لأبيه.
وقد وزع اللحم على أفراد العائلة ونسي ان يعطيه حصته ،
قال لابيه :
انك يا أبي كالقطار السريع الذي لا يقف عنه المحطات الصغيرة ..!!
ويذكرني أيضاً بصبيّ ذكيّ قال لخاله القادم من السفر :
لعلك لم تجد الشيء المناسب الذي تحمله اليّ معك ، وانت
قادم الينا ...في اشارة واضحة الى انه كان يتوقع من خاله ان يشتري له هدية معينة ويقدمها له عند القدوم .
- 6 -
ومن المؤسف أنْ نجد بعض الأباء والامهات يمارسون عمليات القمع والضرب والتعذيب بحق ابنائهم في حالات تخلفهم الدراسي .
ولا يفكرون على الاطلاق بالمناخ الذي لابُدَّ ان يعيشه ابناؤهم لتنمو بذور الذكاء والفطنة فيه ..!!