الجامو فوبيا مصطلح يوناني يتكون من مقطعين هما الجامو الزواج والفوبيا وتعني الخوف اي (الخوف من الزواج)، وهو رهاب يصيب النساء والرجال على حد سواء، لكنه شائع بين الرجال بنسبة اكبر نتيجة الظروف الاجتماعية التي يتعرض لها كلا الطرفين.
سوسن عبد الزهرة مهندسة زراعية تبلغ من العمر 45 عاما، عزباء، تقول: “انفصال والديّ اثر تأثيراً سلبياً على تكوين شخصيتي وطريقة تعاملي مع من حولي سواء في البيت او مع اقاربي وزملائي في العمل، كثرة المشاكل التي رأيت شرارتها تزداد يوماً بعد آخر جعلتني أخاف من أي خطوة باتجاه مستقبلي
، اصبحت مهزوزة يائسة انطوائية اخاف الفشل، بالتأكيد حالي هذه جعلتني أرفض فرص الزواج التي عرضت على طوال حياتي المهنية، كلمة زواج اصبحت مرادفة عندي للفشل والمشاكل والصراخ والضرب، في احيان كثيرة لا تسعفني الكلمات لتبرير رفضي، واضطر ان أرد على من يتقدم للزواج مني برسالة مقتضبة عن طريق الهاتف، حتى اصبحت أكره كل من ينطق كلمة زواج او ارتباط”.
الانسحاب في اللحظة الأخيرة
وليد هادي (بايولوجي) على اعتاب العقد الرابع يلخص مشكلته او كما يحب ان يسميه “مرضه” بالقول: مررت بتجربتي خطوبة سابقتين ما جعلني متخوفا من الاقدام على الزواج، لكنني بمرور الوقت ونصائح اصدقائي وزملائي واسرتي قررت خوض التجربة للمرة الثالثة، وقلت هذه ستكون الاخيرة، كلما انتهي من خطوة ينتابني شعورٌ بالاكتئاب كالذي يساق الى قبره، حتى حان موعد عقد القران والزواج عندها أحسست بضيق في التنفس وانني على وشك الإغماء وفعلا أغمي عليَّ ولم أفق إلّا وأنا في المستشفى، وما ان خرجت منها حتى اتخذت قراري بعدم التفكير بهذا الموضوع مرة
أخرى.
الخوف من الفشل
يقول د.عبد الكريم خليفة باحث نفسي واجتماعي، من أسباب فوبيا الزواج، شعور الشخص بعدم القدرة على تحمل المسؤولية المترتبة عليه، مما يزيد القلق والإرباك، فيتهرّب من هذه المسؤوليات، متحجّجاً بالمادة والوقت تارة، حتى وإن كانا متوفرين، أو التذرع بالحاجة الى وقت اضافي لدراسة الموضوع من جوانبه كافة تارة اخرى
، فالبعض لا يرغبون في الارتباط بشخص واحد لأنّهم وإن أخلصوا له فإنّ فكرة البقاء مع شخص واحد قد لا تشعرهم بالرضا والاكتفاء العاطفي، كما ان الخوف اللاعقلاني والمتطرف من الزواج والالتزام (حتى التفكير في الزواج أو رؤية شخص آخر يتزوج قد يجعله يشعر بالخوف) وقد يصل الامر الى تجنب الخوض في المناقشات ذات الصلة والتي قد تثير الرعب والرهبة في نفس المريض، والبطالة ايضاً والشعور بالقلق من المستقبل وعدم وجود قدرة تخطيطية تجعل أي شخص معرض للإصابة به، فالأمر المتعارف عليه اجتماعياً ان بناء أسرة يحتاج الى توفر شروط ومقومات اساسية تكون عماداً لانشائها
واستمراريتها.
طرق علاجيَّة
ويضيف خليفة: من الممكن علاج الجاموفوبيا مثلما تُعالج جميع أنواع الفوبيا، وذلك عبر استخدام تقنيات فعّالة، تعتمد بشكل أساسي على مساعدة ودعم العائلة والأصدقاء حتى يتجاوز الفرد الخوف من الالتزام
، ولعل ابرزها، العلاج بالكلام والذي يُعد الخط العلاجي الأول لهذا المرض، إذ يجري خلاله تشجيع المصابين على الحديث عن مخاوفهم، وآرائهم بخصوص الالتزام، والجوانب الأخرى المتعلقة بالزواج، كما تتم مناقشة هذا الموضوع مع احد الاشخاص المقربين للمريض كأحد الوالدين، أو صديق، أو مُشرف، أو خبير بالصحة العقلية، ويعود هذا الاختيار إلى شدة الحالة عندها يُصبح تواجد الخبير ضرورياً ان كانت الإصابة شديدة، وهناك ايضا العلاج بالتنويم المغناطيسي وهو علاج فعّال جداً يساعد في تعقّب جذور الجاموفوبيا ليقلّل من ردود الفعل السلبية حول
الارتباط.
كما يمكن العلاج بالتعرّض او العلاج السلوكي وهو الشائع بل الاكثر نجاحاً، ويكون عن طريق تعريض المريض لما يخاف منه، وفق منهج معين، حتى يتجاوز هذا الخوف لكن بطريقة علمية ممنهجة تحتاج مهارة وقدرة عاليين.
واختتم خليفة بقوله: يكون للأهل دور كبير في مساعدة ابنائهم من ناحية مادية او نفسية وتخفيف اعباء الزواج وتحمل جزء من المسؤولية وزيادة ثقتهم بأنفسهم وقرارتهم المصيرية
، وفي بعض الاحيان ينصح باللجوء إلى المختصين الأسريين والنفسانيين إذ يتمحور عملهم على محاولة اقناع المصاب بالفوبيا على تقبّل فكرة الزواج وتحديد العلامات التحذيريَّة لتجنب النزاعات المستقبليَّة التي تؤدي من ثمَّ الى فشل العلاقة
الزوجية..