الدور الاجتماعي للمدرسة في المدينة

اسرة ومجتمع 2019/09/21
...

عبد الكناني
في السنين الماضية وحين كنا تلاميذ في المدرسة كانت مجرد مصادفة المعلم في الطريق او مكان ما تثير الخوف في نفوسنا خشية التفسير باللاأبالية او الاهمال او عدم التقيد بالقيم التربوية والاخلاقية وحتى الدينية. ونتوقع حساباً او تأنيباً او حتى عقاباً. . وكنا  في اغلب الاحيان نلجأ للظهور الايجابي امام معلمينا، فعندما نراهم في المساجد اثناء الصلاة نحاول التقرب منهم لنعطيهم انطباعاً ايجابياً عنا. 
وعند مصادفتهم في السوق او في المقاهي نحاول الا نجعلهم يروننا، فنغادر المقاهي او ندلف الى طريق جانبي للتملص من مواجهتهم احتراماً وتوقيراً. 
وهكذا هي العلاقة كلها احترام وتعامل مهذب واعتبار كبير. وهم بالمقابل لا يفوتون ذلك الحال، فيشيرون للحالات الايجابية وينتقدون ويدينون الاعمال والتصرفات غير الصحيحة مثل اللعب في الطريق وعدم النظافة او استخدام الالفاظ البذيئة مع الاخرين . وتبدر عنهم مبادرات لتوجيه التلاميذ بأداء الاعمال النافعة والمفيدة لهم ولبيئتهم ومجتمعهم وبلادهم مثل توجيههم وارشادهم لمساعدة من يحتاج المساعدة من كبار السن واصحاب العاهات من ذوي الاحتياجات الخاصة . والمحافظة على نظافة الشوارع والمدارس ومناطقهم وعدم اتلاف الحدائق العامة وقطع المزروعات والاشجار. واللعب النظيف غير المؤذي اوالمضر سواء بالكلام الجارح وغير المحتشم والافعال غير اللائقة. ويقومون بمتابعة اوضاعهم في محلاتهم من خلال زيارات لهم او اقامة فعاليات لتنمية الامور الحسنة اجتماعياً، فضلاً عن الاهتمام بدروسهم وشحذ الهمم للتفوق والرقي والتواصل بدراستهم نحو 
العلا. 
وهذا الدور للمعلمين والمدرسة اسهم في تلك السنين في المحافظة على القيم التربوية والاخلاقية ودفع التعاون الاجتماعي لان يبرز بحالة ابهى وازاء هذه التفاعلات تطمئن العوائل لوضع ابنائها ومستوياتهم الدراسية واخلاقهم وسلوكهم. وبقي الدور الايجابي والمسؤول للمدرسة مميزاً حتى وقتنا الحاضر، حيث لم تبتعد المدرسة عن دورها التربوي والاجتماعي علاوة على كونها مكاناً للعلم .
 
قيَّمٌ تربويَّة 
وفي هذا السياق يذكر لنا الاستاذ يحيى صبر مدير متوسطة “طريق العلم” بانه والملاك التدريسي يشجعون الطلبة على ان يكونوا مهذبين في علاقاتهم مع الناس وحريصين على نظافة مناطقهم والشوارع ومدرستهم. والابتعاد عن الالفاظ الخادشة التي لا تليق بهم ولايجوز اطلاقها دون حياء او 
خجل. 
واحترام والديهم واخوتهم. ومساعدة الناس في اي مكان ،لاسيما المحتاجون،  والتعاون مع زملائهم من الطلبة الايتام والابتعاد عن كل مايزعج في مناطقهم، ان كان بالهرج او الصياح او الالعاب غير المقبولة.
ويضيف صبر: ان بناء الشخصية الجيدة للطلبة هو الهاجس الاول  للمدرسة الى جانب المهمة الاساس وهي التعليم واعدادهم للمستقبل بشتى الاختصاصات. وقد لاحظنا ان الطلبة يستجيبون ويتأثرون بكل مانمليه عليهم من ارشادات ومفاهيم قيمية وتربوية، لاسيما في علاقاتهم فيما بينهم. 
ولمسنا ذلك في قلة المشاكل بينهم في المدرسة او خارجها، حيث بدأ المتميزون منهم يؤثرون في سلوكيات زملائهم غير المنضبطة احياناً. وأخذوا دورنا في انهاء الكثير من المشاكل قبل ان تصل للادارة.
وكان البعض من سكان المنطقة التي تقع فيها المدرسة يخبروننا بانعكاس دور المدرسة على سلوكيات الطلبة خارجها وهوما اسعدهم وملأهم ثقة في ان اولادهم بايد امينة ومسؤولة حقاً. وقد تواصلت معنا بعض منظمات المجتمع المدني في احتفالياتنا وانشطتنا واقمنا اعمالاً مشتركة.
 
استحسان اجتماعي
 اما الست بشرى موسى مديرة مدرسة الكاظمية الابتدائية للبنات التي تأسست عام “2005”  في منطقة الحبيبية  فذكرت: انها ومنذ توليها ادارة المدرسة وهي تسعى لان تنهض بالمدرسة من خلال زرع روح التعاون والمحبة بين التلاميذ وتعويدهم على الافعال الايجابية ونبذ الخلافات والخصومات بينهم، لانها تؤذيهم وتؤثر في سلوكهم وتعليمهم. مع التأكيد على دراستهم وبذل الجهود من اجل النجاح والتفوق . 
وبما ان التلاميذ في بداية وعيهم فهم يحتاجون المزيد من الجهد والتعب لان نبصرهم بالافعال الحسنة  وتعلم اداء العبادات والالتزام بها كالصلاة ان كان في داخل المدرسة او خارجها وقد حرصت انا وزميلاتي المعلمات على ان نعطي الجانب التربوي والاجتماعي لاعدادهم كنواة ايجابية في المجتمع يكون لهم دور في التأثير خارج المدرسة. 
وقد استحسنت الجهات الثقافية والاجتماعية والدينية في المنطقة هذا التوجه وهذا الدور وحتى السياسية، بحيث قاموا بتكريمنا واسنادنا ومساعدتنا في رعاية النشء وزرع الحالات الصحيحة في اعماقهم وأذهانهم ان كان من خلال فعاليات وانشطة او عن طريق الدروس.
وازاء هذا الدور المسؤول حصلت المدرسة على تقدير وتقييم تلك الجهات حيث منحت منظمة رعاية المرأة المديرة “شهادة تقديرية” لدورها في جعل مدرستها متميزة بالنتائج والسلوك التربوي للطلبة في المجتمع وكذلك في بناء وترميم المدرسة بعد أن تسلمتها تعاني من نواقص كثيرة ولكنها بمبادراتها حولتها الى مدرسة انموذجية يحرص سكان المنطقة المحيطة بها ان يسجلوا ابناءهم بها ولذلك شهدت احراجاً في قبول التلاميذ وسجلت الجهات التربوية اعجابها بها ودعمتها في تلبية نواقصها من الكادر التدريسي،  ومن جانبها كانت تتبرع والمعلمات لاجل تكملة نواقص المدرسة واعطاء الدروس الاضافية في ايام السبت بمبادرة من المعلمات لرفع المستوى الدراسي للتلاميذ.. واقامت نشاطات ومعرضاً سنوياً حضره المشرف التربوي وممثلون عن جهات ثقافية واجتماعية وسياسية في المنطقة. ووزعت جهات سياسية  بعض المساعدات بين التلاميذ الايتام في المدرسة .