مقومات نجاح التظاهرات

آراء 2019/11/10
...

       محمد صادق جراد 
مع إيماننا بأهمية الضغوطات التي تولدها التظاهرات الشعبية على الحكومات لإجراء الإصلاحات الا اننا وفي زخم هذه التظاهرات يمكن ان نلاحظ باننا ومع مرور الوقت واستمرار التظاهرات في بغداد وعدد من المحافظات والمطالبة بالحقوق المشروعة اصبحنا نتابع تصعيدا خطيرا في سير تلك التظاهرات في ظل غياب إجراءات حكومية مقنعة للمتظاهرين وهذا يجعل المتابع يشعر بالخشية والقلق من زعزعة الوضع الأمني في العاصمة وعدد من المحافظات بسبب انجرار بعض المتظاهرين خلف اصوات التصعيد والدعوات للعنف وقطع الطرق وحرق
 المباني . 
ويرى البعض ان التأخير في تحقيق مطالب المتظاهرين سيؤدي الى توسيع الفجوة والمزيد من التصادم والعنف بما يؤدي الى ارتفاع سقف المطالب التي نرى بانها تنقسم الى قسمين حيث يتلخص القسم الاول وهو الاهم بقضايا دستورية وقانونية تحتاج الى تعديلات تسهم في اصلاح العملية السياسية والقضاء على الفساد فيها وتغيير طريقة ادارة الدولة والقضاء على المحاصصة والقيام باجراءات مهمة في هذا الجانب كتغيير النظام الى رئاسي، بدلاً من النظام البرلماني الذي فشل في انتاج حكومة قوية منذ 2003 وحتى الان وهذا يحتاج تغيير الفقرة الاولى من الدستور العراقي 
, وحل مجالس المحافظات والاقضية وتقليص عدد النواب ليكون هناك نائب لكل 250 مواطن بدلا من 100 مواطن ورفع امتيازات المسؤولين، اضافة الى حل مفوضية الانتخابات وتكليف القضاة بإدارة ملف 
الانتخابات . 
اما القسم الثاني من المطالب فيكمن في معالجة قضية الاخفاق في تقديم الخدمات وقضية القضاء على البطالة من خلال اطلاق التعيينات وتشريع قانون تقاعد مناسب، اضافة الى تفعيل قوانين الاستثمار وجلب الاستثمارات الى البلد ودعم المستثمرين بما يسهم في توفير فرص عمل والقضاء على 
الفقر .
ومن الاهمية بمكان ان نشير هنا ونحن نتحدث عن التظاهرات الى انه لا يمكن ان تقوم اي تظاهرات بتحقيق أهدافها دون ان تمتلك عناصر نجاحها ومنها وضوح الهدف الذي خرجت من اجله وحمايتها من الاختراق من بعض أصحاب المصالح والاجندات واختيار ممثلين يحسنون التحدث مع الإعلام ومع المسؤولين ورفع شعارات ومطالب واضحة والحفاظ على سلمية التظاهر
، إضافة الى نقطة مهمة اخرى وهي عدم السماح بمشاركة أطراف سياسية ربما تكون قد فشلت في اخذ موقع لها في الحكومة ولم تفز في الانتخابات او ربما تكون شريكة في الحكومة وتطمح في استثمار التظاهرات لتبرير فشلها وإلقاء اللوم على شركائها 
الآخرين ..
وعندما نتحدث عن أهمية تنظيم التظاهرات والمحافظة على سلميتها وإبعاد الأجندات الضيقة عنها فإننا ننطلق من متغيرات كثيرة اهمها ان تلك التظاهرات المتواصلة في بغداد وعدد من المحافظات العراقية قد تسهم في الذهاب الى الفوضى لا سمح الله ومن جانب اخر ربما تقوم هذه التظاهرات بتحديد مصير البلاد وتساعد في انطلاق مرحلة جديدة من الاصلاحات بعد اكثر من 15 سنة من سوء 
الادارة .