لماذا قد تخسر الصين المعركة في إنعاش اقتصادها؟

اقتصادية 2019/11/15
...

دون واينلاند
 
ترجمة: شيماء ميران
على الرغم من أنَّ بكين تزيد من إقراضها المصرفي بهدف تحريك الاقتصاد، إلا أنَّ الخبراء قلقون من تأخر الوقت جداً.
وكان الشعار المتداول بين صُنّاع السياسة الصينيين في العام الماضي هو تخفيض ديون الاقتصاد، لكن قيادة البلاد العليا اليوم تتحرك سريعا لتنشيط الإقراض المصرفي في مواجهتها لبطء النمو الاقتصادي. 
وان التغيير في الاساليب التي اكدتها دفعة 126 مليار دولار الاخيرة المعززة لقدرة الاقراض المصرفي هي اشارة لاعتراف صُنّاع السياسة في الصين بان عليهم العمل اكثر لدعم اقتصاد البلاد، في الوقت الذي تترك فيه الرسوم الجمركية الاميركية على البضائع الصينية اثرا اعمق مما هو متوقع اصلا.
الا ان المستثمرين والاقتصاديين قلقون من ان تكون الاستجابة الصينية الشاملة لمواجهة مجرى النمو البطيء بسيطة جدا ومتاخرة للغاية.
تقول كبيرة الاقتصاديين في بنك ميريل لينش الأميركي هيلين تشياو "نحن نؤمن بان هناك خطرا متزايدا وان السياسة تسير بشكل بطيء، وقد تنبّه صُنّاع السياسة الى حقيقة انه لم تتبق حماية لعام 2020". 
كما ان الصين منذ اكثر من عقد تدير الدفة بين مراحل الطلب العاجل على الائتمان والتداولات، عند محاولتها تقديم أنظمة لكبح الإقراض الخارج عن السيطرة والأسهم المحمومة وملكية الاسواق. أما في العام الماضي فشرعت الصين بسلسلة من الإصلاحات لمكافحة التنمية بالدَين، ومخاطر الاقتراض خارج الموازنة أو ما معروف بنظام الظل المصرفي، لكن التصعيد غير المتوقع للتنازع التجاري مع أميركا في الاشهر الاخيرة فرضَ التراجع عن بعض هذه الاصلاحات، ووضع الاقراض الصيني مرة اخرى باتجاه المسار التوسعي.
 
الحرب التجاريَّة 
ويستمر كلا البلدان بصفع الرسوم الجمركية على صادرات أحدهما الآخر، فأصيبت البضائع المصنعة الصينيَّة بأحدث جولة رسوم في الاول من أيلول الماضي. والدليل على أنَّ تنامي الحرب التجارية بدأت تأتي أُكُلها، تراجع الصادرات الصينية بشكل غير متوقع في آب الماضي بنسبة واحد بالمئة.
لذا قام العديد من الاقتصاديين بتخفيض اهدافهم التنموية لهذا العام من 6.1 الى 6 بالمئة، وهو ابطأ معدل للتوسع مما شهدته الصين لعقود من الزمن، وبأدنى حدٍ من نطاق هدفها التنموي الذي يتراوح بين 6.5 - 6 بالمئة.
كما سعت الحكومة ايضا لتحفيز الانفاق على مشاريع البنى التحتيَّة العامَّة مثل الطرق والجسور، وكان لها حصصٌ موسعة لعدد من سندات البنية التحتية الخاصة التي خصصت مبالغها لمشاريع محددة، وأنْ يُسمح للحكومات المحلية ببيع ما يقارب الستين بالمئة من هذا العام بمبلغ 303 مليارات دولار. 
ولا يزال العديد من الاقتصاديين يؤكدون أنَّ الإجراءات ستعجز عن تحقيق ما هو مطلوب لتنشيط معدل النمو الصيني. ويقول رئيس العلوم الاقتصادية للصين في مجموعة ماكوراي (Macquarie) لاري هو: "لا أعتقد أنَّ ذلك يكفي، ففي الوقت الحالي لا يوجد طلبٌ كافٍ للائتمان، لذا ينبغي إيجاد طلب مصطنع في مجالات مثل البنى التحتيَّة والعقارات".
ويوضح لاري هو ان الحكومة ستحتاج الى دفع البنوك لإقراض مشاريع الحكومة المحلية لزيادة النشاط الاقتصادي أكثر، ويشير الى أنَّ الخيار الأكثر جدلية سيكون تخفيف بعض قوانين نظام الظل المصرفي ما يمنع متعهدي الحكومات المحلية والعقارات من الوصول الى الائتمان.
 
نظام الظل المصرفي
وقد كانت الصين منذ اكثر من عقد تعتمد على الطلب للإسكان من أجل تقوية اقتصادها، إلا أنَّ الحكومة اتخذت خلال العام الماضي موقفاً أكثر صرامة في الحفاظ على أسعار الإسكان لتكون تحت السيطرة. 
وردد صُنّاع السياسة مراراً شعاراً خلال هذه السنة ان "المنازل للسكن وليست للمضاربة"، في إشارة الى أنهم لن يستخدموا الصناعة التي تشكل ما يقارب 25 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي الصيني لتحفيز التنمية. ولتحقيق الاهداف الاقتصاديَّة لهذا العام قد تضطر الحكومة لزيادة دعمها لمتعهدي العقارات.
يقول كبير الاقتصاديين في شركة نورما (Nomura): "لا يمكنكم تجاهل قطاع العقارات حالياً، وانَّ خطة التحفيز الحالية أمينة على المدى الطويل، لكنْ إذا أردتم استقرار الاقتصاد على المدى القريب فلا يمكنكم استبعاد قطاع العقارات". إنَّ توسيع منافذ نظام الظل المصرفي أو السماح للاستثمار على أساس المضاربة في قطاع العقارات سيكون خطوات مؤذية للحكومة المركزية لاتخاذها إصلاحات بعد أكثر من عام في هذه المجالات. 
وفعلاً يقع القطاع المصرفي في الصين تحت ضغط ازدياد القروض متأخرة السداد أو العاطلة. وانَّ تزايد دعم الائتمان قد يُعمق من مشاكل الديون المتعثرة التي تواجهها بعض البنوك. لكنَّ بعض المحللين يعتقدون أنَّ الحكومة ستكون قادرة على إيجاد التوازن الدقيق بين ضوابط الائتمان وتضخيم الفقاعة من خلال التحفيز الكافي للاقراض المصرفي لتحقيق معدل النمو المنشود دون السماح لفائض الاقراض بالتسبب بأضرارٍ بالغة.
ويقول كبير الاقتصاديين في شركة (Gao Hua Securities) يو سونغ: "من المحتمل أنْ يحدد صنّاع السياسة حجم التخفيف ليكون كافياً لتحقيق هذا الهدف فقط".
 
عن مجلة اوزي الاميركية