قدمت اللجنة الماليَّة البرلمانيَّة يوم 21/ 10 /2019 مقترحاً الى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية يتضمن فرض رسوم إقامة على العمال الأجانب في العراق، داعية فيه الى فرض رسوم إقامة (100 دولار شهرياً) على العمال الأجانب توضع في صندوق تشغيل العاطلين، وتشير تقديرات اللجنة الى وجود (450) ألف عامل أجنبي بضمنهم (83) ألفاً يعملون في قطاع النفط وبعضهم يتسلمون رواتب تعادل رواتب ثلاثة خريجين.
المفارقة إنَّ لدينا بطالة تمتدُ من العمالة غير الماهرة حتى حاملي شهادات الماجستير والدكتوراه تعززها أفواج الخريجين السنوية وغير الخريجين، وتثيرُ هذه المفارقة تساؤلاً عما هي دوافع تشغيل الأجنبي كبديلٍ عن العراقي؟.
لعلَّ السبب يكمنُ في انخفاض رواتبهم وبكونهم خارج الضمان الاجتماعي والصحي وغير منتسبين لنقابة، إضافة الى أنَّ العامل الأجنبي خالٍ من الالتزامات الدينيَّة والعشائريَّة التي تؤثر في الإجازة والتغيب والتمارض لأن لديه التزاماتٍ بعقود.
أغلب العمال الأجانب الذين خارج الدائرة النفطيَّة هم من العاملين غير المهرة ومعظمهم يقيمُ في مقرات العمل، والذين في المهن الخدميَّة (النظافة) يعتمدون على ما تجود به أيدي الزبائن، كما ليس لديهم جدول ترفيع أو علاوة أو مكافأة آخر الخدمة لأنَّ عملهم غير خاضع لقانون العمل العراقي إجمالاً.
إذنْ العامل العراقي غير الماهر مُكلفٌ لأصحاب العمل لأنه وببساطة يحتاج الى ضمانٍ اجتماعي له استقطاعاته من صاحب العمل، رغم أنَّ باستطاعة رب العمل أنْ يضمّن الراتب استقطاع التقاعد والضمان الصحي بموجب العقد، فضلا عن الحماية القانونيَّة والعشائريَّة وكثرة العطل والمناسبات.
حتى الآن أغلب المعامل والشركات المحليَّة تدعي أنَّ عمالتهم موسميَّة أو مؤقتة مع وجود تساهل من بعض مفتشي العمل.
يبقى العقد المتضمن للحقوق والواجبات والضمان الصحي والتقاعد المحترم حجر زاوية، وباقي الذرائع ستتراجع مع الوقت وتوطيد العلاقة بين العامل ورب العمل، الذي نفتقده الآن، إذ لا عمل نقابيا وليس هناك تفعيلٌ لقانون العمل النافذ لتنظيم علاقة العمل، ذلك أنَّ العمل العراقي الآن ليس صناعياً ينتظم علمياً بمدخلات ومخرجات تضمن حقوق الأطراف ذات العلاقة، ولكن لا يعني أنَّ الزراعة والخدمات غير قابلة لذلك.
لا يفوتنا إنَّ التحويل الخارجي للعمالة الأجنبية مكلف على الاقتصاد الكلي لا سيما أننا دفعناه، أي التحويل الخارجي، باهظاً في الحرب العراقية - الإيرانية، وندفعه الآن أكثر كلما جسده الاستيراد المفرط الذي حجم الاقتصاد الحقيقي بجناحيه الزراعة والصناعة، كما أنَّ وجود العمالة الأجنبية الحالية لا يعبر عن حاجة حقيقيَّة سواء في النفط أو قطاع الخدمة، لأنَّ البطالة في خريجي النفط أو القطاع الخدمي تكذب الرواية والتسويغات.