الحوكمة وتطوير الأداء

اقتصادية 2019/11/18
...

قاسم لطيف 
 
مع نمو وانتشار الصناعة المصرفيَّة الإسلاميَّة في السنوات الأخيرة وتطور أدواتها التمويليَّة، علتْ الكثيرُ من الأصوات التي تطالبُ بوضع معايير للحوكمة تطبق في المؤسسات الإسلاميَّة على غرار ما هو موجود في المؤسسات العالميَّة التقليديَّة، ولكنْ ضمن ضوابط وفلسفة الشريعة الإسلاميَّة، فالحوكمة اصطلاحٌ ومفهومٌ لا يختلف عما هو معروفٌ ومتبعٌ عالمياً، وإنْ اختلفت بعض المصطلحات وصيغ التعبير، ولكن وجه الاختلاف مع المنظور الإسلامي هو في المعايير المتبعة لتطبيقها.
فالحوكمة تعني بمفهومها العام الإدارة الرشيدة وهي تمثل الممارسات التي تدار بها الشركات والقدرة على التحكم الجيد بإدارة أعمالها، كما أنها تؤدي الى عملية توازن بين أهداف المؤسسة سواء كانت اقتصادية او جتماعية مع مصالح الأفراد، ثم الاستخدام الكفوء للموارد المتاحة من خلال توفير رقابة محاسبيَّة سليمة توفر البيانات المطلوبة كافة للمساءلة عن طريقة إدارة موارد هذه المؤسسة، بمعنى آخر التوفيق بين أهداف صاحب رأس المال والشركة وأهداف المجتمع المرجوة من قيام هذا المشروع، أي إنَّها تمثل مجموعة من الأسس والقوانين التي تحكم عمل الشركة والنظام المتبع لديها.
وبذلك تمثلُ جملة من الأدوات والإجراءات المنظمة لطبيعة العلاقات بين الأطراف المتمثلة في المالكين للمؤسسة ونظام الرقابة والمسؤولية التي تهدفُ الى تحديد ستراتيجيَّة فاعلة لأداء الشركة.
على الرغم من حداثة هذا المصطلح ظهرت الحاجة الى تطبيقه في المؤسسات الماليَّة بهدف حماية الأموال وضمان سلامة النظام المصرفي، خصوصاً بعد تفشي ظاهرة الفساد المالي والإداري في العديد من المؤسسات الماليَّة الخاصة منها والعامة، وهذا ما يفسر أحياناً حالات الإفلاس وانهيار العديد من المؤسسات المالية، والتي كانت تمتلك مراكز نقوذ مالي ومصرفي.
إنَّ التوسع السريع والكبير في المصارف الإسلامية يتطلب اليوم إعادة النظر في المفاهيم التي بدأت بها هذه المؤسسات لإدارة أعمالها، عندما كانت مشاريع فردية وصغيرة الحجم، وأصبحت اليوم من الركائز الأساسيَّة للاقتصاد الإسلامي.
وهذا ما يدفعنا الى التأكيد من منطلق الحرص على تجربتنا المصرفيَّة الإسلامية واتخاذ الإجراءات الاحترازيَّة والضروريَّة كافة لضبط وسائل الرقابة وتطبيق مبدأ الحاكمية لضمان حماية أصول هذه المصارف وحماية حقوق المساهمين والمودعين، وكذلك سلامة المركز المالي لها، خصوصاً أنَّ المودعين أصحاب الودائع الاستثمارية يتعرضون لمخاطر كبيرة بسبب طبيعة الاستثمار المبني على أساس المشاركة في الربح والخسارة.