سامر المشعل
وصل تصوير الأغاني بطريقة الفيديو كليب، حدَّ الهوس حتى صارت تصدمنا الأرقام الخياليَّة لتصوير أغنية ساذجة لا تتجاوز مدتها الأربع دقائق مبالغ تتجاوز المئتي ألف دولار!!.
المخرج والمنتج العراقي مصطفى العبدالله قلب الموازين بأغنية "تعال يا ابن الحلال" التي نجحت بشكل كبير جداً وأسهم إخراجها البسيط والعفوي في انتشارها وهي أغنية "تريو" بين ثلاثة مغنين هم: مصطفى العبد الله وعلي جاسم ومحمود التركي، يغنون على نحو متعاقب وفيها مسحة من الحميمية والمرح، وممكن تصويرها بجهاز الموبايل، لكن هذه الأغنية ضربت أرقاماً قياسيَّة بالمشاهدة تجاوزت 230 مليون مشاهدة على اليوتيوب، هذا الرقم لم تستطع أنْ تحققه الأغاني ذات الإنتاج الفخم الذي أنفقت فيها مئات الآلاف من
الدولارات.
ظهر التصوير بطريقة الفيديو كليب بالعالم العربي في تسعينيات القرن الماضي، بعد أنْ شاعت وانتشرت بالأغاني الأميركيَّة، وانتقلت أول الأمر الى لبنان ومن ثم الى البلدان العربيَّة، قبل ذلك كانت الأغاني يتم تصويرها بالاستديو بـ"لوكيشن" خاص بجو الأغنية أو تصوير خارجي.
لكنَّ المطربين والمطربات والمنتجين بالغوا في الشكل على حساب المضمون، وسلطوا الضوء على المظهر من دون التعمق في محتوى الأغنية مثل الكلام واللحن والأداء، وبعد أنْ استنفدوا التقليعات الغربيَّة راحوا يصورون في أوروبا وتركيا والهند.. وبـ"ستاف" إيطالي وفرنسي واسباني.. بل راحوا أبعد من ذلك بالاستعانة بموديل من كلا الجنسين من الأجانب والفرق
الراقصة.
تتسع الدهشة، عندما نطَّلع على بعض الأرقام الفلكيَّة التي يصور بها المطربون والمطربات كليباتهم، فقد صورت المطربة نانسي عجرم كليب "يا حبي الأول والأخير" مع المخرج الفرنسي ريمون باتيه في باريس بمبلغ 300 ألف دولار. وجاءت المطربة روبي بالمرتبة الثانية عندما صوَّرت أغنية بمبلغ 240 ألف دولار، ورصد المطرب الشعبي المصري حكيم، ميزانيَّة اقد بـ125 ألف دولار لتصوير أغنية "النهار له عيون" ليتناسب والشهرة التي حققها
مؤخراً.
هؤلاء المغنون والمغنيات أسرفوا بالشكل والمظهر وتناسوا أنَّ العمل إذا توافر على المقومات الإبداعيَّة، ممكن أنْ يصل الى الناس بسهولة من دون الحاجة الى البهرجة والأموال الضخمة التي لو أنفقت على فقراء العالم العربي ما ظل هناك جائعٌ ولو وجهت الى قطاع الصحة والتعليم لما ظل ساذجٌ يستمع لهذه الأغاني الباهتة.