إيمان الآلوسي
اصبح الان عالميا موضوع بناء رأس مال بشري مصطلحاً جديداً في عملية بناء الاقتصاد ومتطلبات التنمية المستدامة خاصة في ظل تحديات زيادة السكان وارتفاع معدلات البطالة والفقر ونقص الخدمات الصحية ويتجه العالم للتركيز على افضل الطرق للوصول نحو التنمية المستدامة وتسريع وتيرة النمو الاقتصادي الشامل من خلال الاستثمار في تنمية الانسان.
ان رصيد المعرفة والمهارات في اي دولة هو افضل من ثروات الامم، حيث نجد البلدان المرتفعة الدخل نسبة رأس المال البشري لديها يشكل اغلبية الثروة، وان الاستثمار في البشر ينبغي ان يسبق الاستثمار في النمو الاقتصادي.
يقول ميكال روتكوفسكي، مدير قطاع الحماية الاجتماعية والوظائف بالبنك الدولي "بناء رأس المال البشري هو المسار الواضح إلى فرص العمل الجيدة، فملايين الشباب بحاجة إلى المهارات المناسبة ليتمكنوا من المنافسة في سوق الوظائف الراهنة دائمة التغير، والملايين من الأطفال بحاجة إلى تعليم ورعاية صحية أفضل من أجل وظائف المستقبل".
وخير مثال على ذلك كوريا الجنوبية إذ كانت في عام 1959 من افقر الدول وكان 20 بالمئة من سكانها فقط يعرفون القراءة والكتابة، وحاليا كوريا من البلدان المتقدمة عالميا حيث يتمحور اقتصادها على المهارات والمعارف لمواطنيها وليس على الموارد الطبيعية.
تشير الاحصائيات بوجود 1.8 مليار انسان تتراوح اعمارهم بين 15- 30 سنة وعليه تبرز الحاجة للتركيز على مستقبلهم و ضمان افضل سبل الرعاية والاستثمار في مقدراتهم للمساهمة في النمو الاقتصادي العالمي وحمايتهم من البطالة والفقر وتوفير سبل العيش الآمن لهم، في حين يمتلك العراق فئة عمرية بسن العمل تشكل 50 بالمئة من سكانه. وهو من المجموعات السكانية الاكثر شبابا في العالم وهذا يتطلب مزيداً من الجهود لرسم سياسات فعالة واستراتيجية وطنية، اجتماعية، علمية وصحية ، لان مؤشرات رأس المال البشري تعتمد على درجة التقدم في الصحة والتعليم ومؤشرات الانتاجية، حيث التعليم الجيد يؤدي الى الوصول للتعليم مدى الحياة LONG LIFE LEARNING
اليوم في العراق نحن بحاجة ماسة الى ان نخلق التوازن بين الاستثمار في مواردنا الطبيعية ومواردنا البشرية المتميزة عالميا وتفعيل أطر الشفافية وحركة الاعمار وخلق بيئة صحية واجتماعية، وفق اعلى المعايير الدولية والاستفادة من تجارب الدول التي حققت ارقاما في تقدمها مثل اليابان، ماليزيا ،تركيا، وكوريا. ونضع الخطط للرعاية الصحية والامان الاجتماعي ومعالجة ظواهر البطالة والفقر وتعزيز الزراعة والصناعة الوطنية وبناء رأس مال بشري مؤهلاً لبناء اقتصاد مستقبلي مستديم يلبي طموحات وتطلعات المواطنين ويحدث نهضة اقتصادية كبيرة تحسن مستوى دخل المواطن ويرتقي بالعراق الى مصاف الدول المتقدمة وهو جدير بها لتوفر كل مستلزمات الموارد الطبيعية والبشرية.