شكراً لأنّهم حرّكوا مفاصل الدولة. لأنّهم وضعوا مطالبهم الشرعية أمام أعين الحكومة التي وصلتها هذا المطاليب. لقد حرّكوا مفاصل الدولة التي بدأت تأخذ بنظر الاعتبار كلّ المهتمين عن ادارة الدولة والحكومة ووضعت الحكومة نصب اعينها كيفية تنفيذ هذه المطالب التي تعد مشروعة بنظر الدستور والقانون. شكراً لهم لأنّهم جعلوا كل المسؤولين في حراك دائم لتحقيق ماتصبو اليه الجماهير. لقد قالوا كلمتهم وسمعها الجميع حتى قال بعض المسؤولين ان المتظاهرين جعلوا مفاصل الدولة تتحرّك وتبحث عن الحلول. ان الحلول لايمكن ان تكون بعيدة لانها اقرب ماتكون للتحقيق لكون المواطن المنتظر منذ كل هذه السنوات عليه ان يرى شيئا ملموسا وعليه ان ينتظر ماستؤول اليه الامور حتى ان المرجعية طالبت بتحقيق المطالب التي رفعها المتظاهرون. ان التظاهر السلمي وثيقة يحملها المواطن مستندا الى الدستور الذي سمح له برفع هذه الوثيقة في كل وقت وامام انظار الجميع لان التظاهر السلمي كفيل بالإتيان بالمطالب ولو كانت شبه مستحيلة. ان المتابع للشأن العراقي سيخمّن بأنّ جميع المطالب التي رفعت، ماهي الا مطالب يمكن دراستها والتعمّق فيها ومن ثمّ وضع الحلول لتحقيقها وجعل المواطن الذي خرج مناديا لسلمية يثق بنفسه وبحكومته التي حققت له مايصبو اليه.
ان التجارب الديمقراطية في الدول الاخرى تخبرنا بأنّ كل المطالب التي يرفعها المتظاهرون شرعية ويمكن تحقيقها بالتعاون مع كل اجهزة الدولة والمؤسسات التشريعية والتنفيذية، وهذا الحال ليس غريبا مادامت ترزخ تحت فضاء الديمقراطية. وهكذا نجد ان التجربة الديمقراطية الحديثة في العراق قد وضعت الاسس والمفاهيم المؤطرة بالشرعية لتسهيل العيش الكريم للمواطن الذي شبع حروبا وخسر ماخسر في العقود السابقة وهو ينتقل من حرب الى حرب، ناهيك عن استلاب حريته ورزقه وسبل عيشه الكريم حتى بات حذرا من أبسط مايقوم به من افعال لان رمز السلطة لايسمح له بتعدي الحدود المرسومة له. وان كانت الظروف التي مرت بالعراق ماقبل 2003، قد منعت المواطن من التعبير عن رأيه والمطالبة بحقوقه لأنّه وجد التعسّف يلاحقه اينما حل واينما ذهب فصودرت وامتهنت كرامته حتى صار لايستطيع التعبير عما يمور بدواخله الا خفية وبصورة سرية. الان نشهد حراكا ديمقراطيا يقوم به العراقي الذي ملّ وتعب من الحروب التي اطاحت بآرائه وكرامته فنهض قويا وهو يقاتل التنظيم الارهابي ويخرج مطالبا بحقوقه تحت ستار الحرية والديمقراطية التي كفلها له الدستور. وبنظرة فاحصة لما انتجه هذا الحراك الاخير نجد ان كل المؤسسات استنفرت طاقاتها لتوفير ماتستطيع توفيره لتطبيق نظام التكافل الوطني الذي يسعى اليه اغلب المتظاهرين وهو توفير العيش اللازم في هذه الظروف. ان التظاهر السلمي بمخرجاته الايجابية ضد الحكومة، ليست حالة سلبية وانما وضع تصور لحراك فعّال اكثر تطورا واكثر انسجاما مع حركة المجتمع أسوة بالمجتمعات الاخرى. لاشك ان المواطن العراقي يشعر الان بان فضاء الحرية فضاءً اكثر رحابة وهو يهتف بالسلمية التي استمدها بقوة الشرعية التي منحتها بنود الدستور وهذا مايتطلب الوقوف جميعا للنظر في المطالب التي تصب في نهر العراق الواحد وان تعددت وكثرت والنتيجة تحريك للوضع الجامد الذي بدا ينمو ويتحرك وفق مفاهيم الديمقراطية، وعلى الجميع المحافظة على صورتها المشرقة ولايتأتى ذلك إلّا بجعل الجميع يتسابقون لتقديم الخدمات وما يطلبه المواطن وهو يرفع العلم العراقي دليل سلميته وحبه لبلده، فشكراً لكل المتظاهرين الذين حرّكوا مايمكن تحريكه خدمة لهذا البلد.