تعدّ الإجراءات الإداريّة المتبعة في الوزارات والدوائر لإنجاز أيّة معاملة سواء كانت على الصعيد الشخصي او الأصعدة التجارية او الاقتصادية او الخدمية او غيرها من الأنواع الأخرى غاية في التعقيد.
وقد يتطلب انجاز البعض منها شهورا من المراجعات في دوامة الذهاب والإياب والمستمسكات المتعددة والموافقات غير المعدودة من أجل إكمالها بالشكل المطلوب في قضائها، والذي قد يستمر لفترات طويلة استنزافاً للاوقات التي من المفترض تخصيصها للعمل المنتج سواء من المراجع نفسه والذي يكون تعطّل عن عمله ما يجعل من انتاجيته صفراً في أي مجال اقتصادي يعمل به.
الأمر الذي ينعكس بالسلب على الإنتاج الإجمالي الاقتصادي للبلد، لاسيما إذا أحصينا أعداد المراجعين يومياً لمختلف الدوائر الخدمية او التجارية او الاقتصادية او غيرها من الدوائر والوزارات والذي يفوق اعدادهم الآف يومياً.
ما يؤدي الى فاقد كبير في ساعات وايام طويلة يمكن ان تكون مخصصة للعمل في القطاعات الإنتاجية المختلفة، الامر الذي ينعكس بدوره سلباً على الاقتصاد الوطني بفعل هذا الفاقد الذي كان من المفروض ان يدعم الاقتصاد الوطني بمستويات إنتاجية حقيقية تضيف له بدلاً من أن تسهم بهذا الهدر الحاصل في قدراته وامكاناته وملاكاته العاملة.
هذا فضلا عن إهدار الطاقات الإنتاجية الإضافية لآلاف الموظفين العاملين في تسيير هذه الإجراءات البيروقراطية التي تستلزم أعدادا كبيرة من الملاكات العاملة يمكنها تغطية وتلبية الإجراءات المعقدة والخطوات الطويلة ومتطلبات المعاملات التي تدخل المراجع في نفق الروتين ليصل في آخر النفق لإنجاز هذه المعاملة ولكن بعد وقت طويل قضاه في دوامة هذه الإجراءات المعقدة.
إنّ العمل على وضع استراتيجية محددة وواضحة يمكنها أن تقضي على الإجراءات البيروقراطية المعقدة في وزارات ودوائر الدولة وهي أحد المتطلبات الملحة والضرورية لدعم الاقتصاد العراقي وتمكينه من أداء الدور المطلوب منه من اجل ضمان تطويره وتنميته وبالشكل الذي يحقق له النجاحات
المأمولة.
ولعل تحقيق استراتيجية الحكومة الالكترونية واعتمادها هو أحد الحلول والبدائل المتطورة والتكنولوجية للتخلّص من مشكلة البيروقراطية في الإدارات الحكومية.
فقد باتت الحكومة الالكترونية معتمدة في كثير من دول العالم وحققت نتائج كبيرة ومثمرة في مجال انجاز معاملات المواطنين بمختلف
أنواعها.
إنّ الاقتصاد الوطني هو أحوج ما يكون لجميع الملاكات الوظيفية والايدي العاملة في جميع المجالات الإنتاجية، وتحقيق التقدم والنمو الاقتصادي مرهون بكم ونوع هذه الإنتاجية والتي تتطلب تراكمية واستمرارية دائمة وعدم تعريضها لهدر الوقت والجهود والأموال فيما لا طائل منه او ما يمكن الاستعاضة عنه بوسائل تكنولوجية بديلة أكثر فائدة وأكثر مردوداً وظيفياً او عملياً.
إنّ تنافسية الدول في المجال الاقتصادي تركّز على محاور الأداء والتكلفة ونوعية المنتج والوقت الذي يتمّ فيه تصنيع هذا المنتج وهي أمور تتعارض تماماً مع البيروقراطية التي تهدر الوقت وتضيّعه وتؤثر بذلك على نوعية المنتج بفعل هذا الهدر، فضلاً عن تردي الأداء للملاكات العاملة وتزيد من تكلفة الإنتاجية بسبب الوقت الطويل الذي يتطلبه اكمال
المنتج.
وكلّها أمور يستوجب العمل على مراعاتها عن طريق التخلص من الإجراءات البيروقراطية في إدارات الدولة من اجل دعم وتطوير وزيادة نمو اقتصادنا الوطني.