هل تُهدّد عملة فيسبوك عرش الدولار ؟

اقتصادية 2019/11/22
...

عواصم/ وكالات
 
يرى تحليل عبر موقع "بروجيكت سينديكيت" للاقتصادي السابق في صندوق النقد "سيمون جونسون" أنه على مر العقود ورغم الكثير من حالات الصعود والهبوط في الاقتصاد العالمي، حافظ الدولار على دوره كعملة احتياطية مفضلة في العالم.
وعندما تكون الأوقات صعبة أو تسود حالة من عدم اليقين، يتدفق المستثمرون على الأصول المقومة بالدولار وخاصة سندات الخزانة الأميركية، ومن المفارقات أنّ ذلك حدث حتى عندما كانت هناك أزمة مالية في الولايات المتحدة. ونتيجة لذلك؛ فإنّ الاحتياطي الفيدرالي -الذي يحدد معدلات الفائدة الأميركية- له تأثير هائل على الظروف الاقتصادية في جميع أنحاء العالم.
على الرغم من الابتكار الواضح المرتبط بإطلاق عملة "البيتكوين" اللا مركزية القائمة على تقنية "البلوكتشين" في عام 2009؛ فإنّ ظهور العملات المشفّرة الحديثة لم يكن له أي تأثير أساسي على الاتجاه العالمي للدولار.
ولا يزال لدى مروّجي هذه الأشكال الجديدة من الأموال آمالهم بالطبع في أن يتمكّنوا من تحدي النظام المالي الحالي، لكن تأثير ذلك على المحافظ الاستثمارية العالمية قد ثبت أنّه ضئيل.
ولا تزال البنوك المركزية الأقوى والمتمثلة في بنك الاحتياطي الفيدرالي، والبنك المركزي الأوروبي، وعدد قليل من البنوك الأخرى تدير المسرح العالمي للنقود.
 
عملة فيسبوك 
مع ذلك، ظهر فجأة لاعب جديد يحتمل أن يكون خطيراً على النظام العالمي، مشروع عملة فيسبوك "ليبرا"، إذ تخطط فيسبوك ومجموعة شركات لإطلاق نظام مالي خاص بها الذي بطريقة ما سيكون مضموناً بحيازة العملات الرئيسة. ومن دون شك، يمكن أن تصبح "ليبرا" وسيلة دفع مستخدمة على نطاق واسع، وجزء من السبب يرجع لحقيقة امتلاك فيسبوك أكثر من ملياري مستخدم نشط شهرياً، ولكن أيضاً لأن النظام المالي الحالي يشهد أوجه قصور متزايدة. وإذا كان هناك نظام مالي خاص يمكن أن يجعل الدفع أقل تكلفة وأسهل وأكثر أماناً، فسيكون المستهلكون سعداء باستخدامه، لأنّ معظمهم لا يهتم من يحرّك النظام 
النقدي. والحقيقة المؤسفة هي أنّ نظام الدفع الحالي مكلف في استخدامه، بما في ذلك إرسال الأموال إلى الخارج في شكل تحويلات مالية يرسلها العمال إلى بلدانهم الأصلية.
وإذا سمحت "ليبرا" بإرسال الأموال بسهولة وبتكلفة صغيرة أثناء تصفحهم ونشرهم تعليقات على "فيسبوك"، فستحصل العملة على الكثير من الإعجاب. وشهدنا بشكل مكرر مدى السرعة التي يمكن أن تؤدي بها التكنولوجيا الرقمية الجديدة إلى تغيير المشهد الاقتصادي، وعلى سبيل المثال انظر إلى مدى سرعة تعرض سيارات الأجرة لضغوط جراء ظهور شركتي أوبر وليفت.
وتمّ تصميم العملات الرقميّة لتحل بدلاً من الوسطاء الماليين مثل البنوك، ومن الناحية النظرية سيكون من الممكن تنظيم الكثير من التمويل دون وجود البنوك وغيرها من الوسطاء الحاليين.
 
خسارة الأموال
الحقيقة أنّه لا يمكن وصف البنية التحتية لسوق العملات الرقمية التي تمّ تطويرها بأنّها "صديقة للمستهلكين"، إذ أنّه من السهل للغاية خسارة أموالك أو سرقتها بطرق لا تعد ولا تحصى.
وفي المقابل، تمثل "فيسبوك" شركة تكنولوجيا رقمية تعرف كيف تجعل العملاء سعداء، بالتأكيد يشكو المستخدمون بشكل متزايد من سياسات الخصوصية أو المواقف تجاه الخطاب السياسي لكنّهم يواصلون استخدام الخدمة. كما يوجد مزيج قوي محتمل هنا: التوسّع السريع في التكنولوجيا الرقمية، والتركيز على المعاملات المالية الآمنة الأرخص، وعدم الاهتمام بالنظم القديمة.
بطبيعة الحال؛ فإنّ "ليبرا" لديها بعض العيوب الواضحة، بما في ذلك سمعة "فيسبوك" الحالية لعدم الاهتمام بالمصلحة العامة إذ أنّه من الصعب تخيّل كيف كان العام الماضي أسوأ بالنسبة لآفاق "ليبرا" خاصة بعد فضيحة اختراق البيانات لصالح "كامبريدج أنالاتيكا". ومن الممكن دائماً بالنسبة للدول الرائدة أن تمنع شكلاً خاصاً من المال من خلال الإعلان أنّها لا تمتثل للوائح الخاصة بها، مثل مكافحة غسل الأموال ومعرفة متطلبات العميل.
 
المنافسة والتحدي
لكن إذا لم تحرز عملة فيسبوك تقدماً؛ فإنّ ذلك يفتح مساحة أكبر لظهور أشكال أخرى من وسائل الدفع مدعومة من مؤسسات أكثر حرصاً، أو ربما يأتي التحدي من عملة تصدرها دولة ذات سيادة، يحق لأي منها تصميم وتداول شكله الخاص من
المال.
ومنذ فترة طويلة كانت هناك تكهّنات بأنّ "الرنمينبي" الصيني يمكن أن يتحدى أو يحل يوماً ما بدلاً من الدولار الأميركي بوصفه العملة الاحتياطية الرئيسة في العالم. ربما، ولكن ليس من الواضح أنّنا نقترب أكثر من ذلك اليوم، لأنّه ليس من الواضح أن المستثمرين الأجانب سيثقون بالنظام السياسي الصيني عندما يكون لديهم وفرة من
المال.
ومع ذلك؛ فإنّ الاحتياطي الفيدرالي محق في القلق بشأن الدولار، إذ يخلق تزايد الضغط التنافسي المحتمل حافزاً لجعل النظام الحالي يعمل بشكل أفضل، بما في ذلك من خلال نظام الفيدرالي الجديد "فيد ناو" الجديد، الذي سوف يزيد سرعة
المدفوعات.
وفي خطاب مؤخراً، صرحت عضو بالاحتياطي الفيدرالي "لايل برينارد" بأن البنك سوف يبتكر وسوف يكون الدولار على ما يرام. ربما تكون "لايل" على حق، لكن للمرة الأولى منذ فترة طويلة تواجه البنوك المركزية منافسة، وهو ما قد يؤدي إلى استفادة أكبر للمستهلكين.