يتطلب تنفيذ رؤية العراق في تحقيق التنمية المستدامة إعادة النظر في عمل مؤسسات الخدمة المدنية وإمكانية استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تقديم الخدمات وتعزيز ركائز الحكم الرشيد (الحوكمة الالكترونية)، فضلا عن حوكمة القطاع الخاص كونه شريكا اساسيا في التنمية.
ويرى الاكاديمي الاقتصادي الدكتور ماجد البيضاني أنّ "إنشاء قاعدة بيانات ومعلومات يمثل أمرا مهما لمعرفة جاهزية تحول المؤسسات الحكومية نحو الحوكمة الالكترونية لتطبيق جميع المعاملات الكترونياً، مشيرا الى ان "الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط نفذ مسحا في العام 2015 لتقييم الجاهزية الالكترونية لمؤسسات الدولة".
نتائج المسح
أضاف "أظهرت نتائج المسح أنّ نسبة استخدام الاستمارة الالكترونية في العمل المؤسسي تبلغ (21 بالمئة) وما زال العمل الورقي يشكل النسبة الاكبر من العمل وبنسبة (77 بالمئة)"، لافتا الى ان "البيانات اظهرت ان نسبة (66 بالمئة) من مجموع الجهات المشمولة يتوفر لديها تشكيل لإدارة تكنولوجيا المعلومات".
وأكد أنّ "نسبة الانظمة الالكترونية العاملة على مستوى التشكيلات بلغت (67 بالمئة) وهي نسبة جيدة على مستوى جميع الجهات الحكومية، وكانت الجهات غير المرتبطة بوزارة نسبتها الأعلى بلغت (92 بالمئة) اما نسبة فاعليّة شبكات البيانات على المستوى الكلي بلغت (42 بالمئة)".
وتابع "أما على مستوى الخدمات التي تقدم بشكل الكتروني فكانت محدودة جدا قياسا بالخدمات اليدوية التي تقدم من قبل مؤسسات الدولة، فعلى الرغم من نجاح بعض المؤسسات في تقديم الخدمات الكترونيا إلّا أنّها مازالت دون مستوى طموح المواطن، ما يتطلب ايضا تطوير خدمات المؤسسات المعنية بالرعاية الاجتماعية والطفولة وذوي الاحتياجات الخاصة".
المراكز المتخصصة
من جهتها رأت الباحثة الاقتصادية لبنى الشمري ضرورة الاستعانة بالجهات الاستشارية والمراكز العلمية المتخصصة لتطوير اداء الحكومات المحلية رقميا، لكون هذه التجربة لم تكتمل بعد لارتباط ذلك بالرقم الموحد او البطاقة الوطنية التي لم يقم باقتنائها عدد كبير من المواطنين.
وبيّنت الشمري لـ "الصباح" أنّ تطبيق الحوكمة الالكترونية تحسّن موقع العراق في التصنيف العالمي في مجال هذه الحوكمة، ما يحتم اعتماد منظومة قانونية داعمة للحوكمة الاكترونية لانجاح عملها في البلد من خلال سنّ التشريعات الداعمة والساندة للحوكمة كونها تمثل ابرز ادوات مكافحة الفساد". ودعت الشمري القائمين على الملف الاقتصادي الى "تطوير السياسات المتكاملة لتقنية المعلومات (التوافقية / التشغيلية / التشغيل البيني)، من خلال اعداد خطط وبرامج لتطبيق الحوكمة الالكترونية بالاعتماد على التجارب العالمية في هذا المجال، فضلا عن استخدام التكنولوجيا الحديثة لانجاز المعاملات لتحسن الجاهزية الالكترونية بعد تحديث البنى التحتية التكنولوجية وتطوير الملاكات الوظيفية بمختلف مستوياتها على تطبيق الحوكمة الالكترونية".
برامج تطويريَّة
في السياق ذاته دعا الباحث الاقتصادي فراس عمر الى اطلاق برامج تطويرية لتعزيز دور مشاركة القطاع الخاص في صنع القرار الاقتصادي بعد تحسين مستوى اداء الحكومات المحلية في تقديم الخدمات بما يعزز قدراتها في بناء شبكات تواصل مع الاطراف الفاعلة في آليّة صنع القرار الاقتصادي.
وأكد عمر أهمية "بناء شراكات فاعلة لاصحاب المصلحة في اعداد الخطط والموازنات التخطيطية للمحافظات من خلال تدريب العاملين على آليّات التخطيط وإعداد الموازنات بالمشاركة والمراقبة المالية".