إلغاء الامتيازات لا يكفي ؟

آراء 2019/11/23
...

حسين فوزي
 
من الجيد أن يتولى مجلس النواب تشريع قانون يلغي امتيازات الدرجات الخاصة، وهو مطلب شعبي مهم.
لكن الأهم من هذا القانون هو إعادة النظر في سلّم رواتب الموظفين، بالأخص الدرجات الخاصة، وبالأخص الدرجات الخاصة العليا منها، 
ومن خلال استقصائي لسُلّم رواتب الدرجات الخاصة العليا في الدول الديمقراطية العريقة، وضمنها ديمقراطية الهند، وجدت ان معدل التباين بين رواتب الدرجات العليا الخاصة وسلّم رواتب الموظفين الاعتياديين لا يتخطى ما معدله 5 أضعاف وفي أحيان استثنائية 7 أضعاف.
وعلى ما أتذكّر فإنّ د.سعدون حمادي حين تولى رئاسة الوزراء بعد انتفاضة آذار 1991، وتخلي صدام حسين عن منصب رئاسة الوزراء، ألغى جميع امتيازات الموظفين في مجلس الوزراء وأصر على أن تكون رواتبهم مثل بقية أقرانهم من موظفي الدولة.
كما أتذكّر أنّ د.فؤاد معصوم حين أصبح رئيساً للمجلس الوطني المؤقت حين تشكّلت أول حكومة بعد خلع النظام الشمولي فيما سمي باستعادة السيادة الوطنية، تم تحديد رواتب أعضاء النواب غير المنتخبين بـ  5000 دولار، وحين سئل د.معصوم عما ينبغي أن يكون راتبه، رد راتبي مثل راتب بقية زملائي.
المهم من خلاصة ما طرحته، في الأصل من مطالب الانتفاضة ليس إلغاء الامتيازات الباذخة للدرجات الخاصة، إنّما الأكثر أهمية هو إخضاع رواتب جميع الدرجات الخاصة، وفي مقدمته الرئاسات الأربع، لسلّم واضح يسترشد بتجارب الديمقراطيات العريقة، والسادة أولياء أمرنا السابقون واللاحقون من بريطانيين وأميركيين، فلا يعقل أن يكون راتب رئيس وزراء العراق أو أي من الرئاسات أعلى من راتبي رئيس الولايات المتحدة ورئيس وزراء
 بريطانيا.
المطلوب سلّم رواتب ينصف الدرجات الوظيفية الدنيا بما يمكنها من العيش بكرامة.
وأن يكون راتب الدرجات العليا الخاصة، وفي مقدمتها الرئاسات الأربع، ليست رواتب استثراء، وإنّما رواتب من يؤدي واجبا وطنيا وإنسانيا.
ترى هل يقدم البرلمان على مثل هذه الخطوة، أم انه سيحاول التملّص من هذا المطلب، كما فعل في إثر انتفاضة 2011، عندما طرح تقليص رواتب أجهزة الدولة، لكنّه أبقى على رواتب النواب العالية غير المبررة، مما افقد ما أصدره من قوة ملزمة
 للسلطة التنفيذية.
وفي هذا الشأن هل نسترشد بما طرحه رئيس جمهورية تونس المنتخب حين قال «إنّ تقليص رواتب المسؤولين إلى الحد الأدنى سيؤدي إلى تصدر العمل السياسي أناس يتطلعون للخدمة العامة لتحقيق البناء وليس البحث عن الغنائم».